فالأولى في الجواب أن يقال: إن دليل الاستصحاب بمنزلة معمم للنهي السابق بالنسبة إلى الزمان اللاحق، فقوله: " لا تنقض اليقين بالشك " يدل على أن النهي الوارد لا بد من إبقائه وفرض عمومه للزمان اللاحق وفرض الشئ في الزمان اللاحق مما ورد فيه النهي أيضا. فمجموع الرواية المذكورة ودليل الاستصحاب بمنزلة أن يقول: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي، وكل نهي ورد في شئ فلا بد من تعميمه لجميع أزمنة احتماله، فيكون الرخصة في الشئ وإطلاقه مغيا بورود النهي، المحكوم عليه بالدوام وعموم الأزمان، فكان مفاد الاستصحاب نفي ما يقتضيه الأصل الآخر في مورد الشك لولا النهي، وهذا معنى الحكومة، كما سيجئ في باب التعارض (1).
ولا فرق فيما ذكرنا بين الشبهة الحكمية والموضوعية، بل الأمر في الشبهة الموضوعية أوضح، لأن الاستصحاب الجاري فيها جار في الموضوع، فيدخل في الموضوع المعلوم الحرمة.
مثلا: استصحاب عدم ذهاب ثلثي العصير عند الشك في بقاء حرمته لأجل الشك في الذهاب، يدخله في العصير قبل ذهاب ثلثيه المعلوم حرمته بالأدلة، فيخرج عن قوله: " كل شئ حلال حتى تعلم أنه حرام ".
نعم، هنا إشكال في بعض أخبار أصالة البراءة في الشبهة الموضوعية، وهو قوله (عليه السلام) في الموثقة: " كل شئ لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب عليك (2) ولعله