وكذا الكلام في غير السبب، فإن شرطية الطهارة للصلاة ليست مجعولة بجعل مغاير لإنشاء وجوب الصلاة الواقعة حال الطهارة، وكذا مانعية النجاسة ليست إلا منتزعة من المنع عن الصلاة في النجس، وكذا الجزئية منتزعة من الأمر بالمركب.
والعجب ممن ادعى (1) بداهة بطلان ما ذكرنا، مع ما عرفت من أنه المشهور والذي استقر عليه رأي المحققين. فقال (قدس سره) في شرحه على الوافية - تعريضا على السيد الصدر -:
وأما من زعم أن الحكم الوضعي عين الحكم التكليفي - على ما هو ظاهر قولهم: " إن كون الشئ سببا لواجب هو الحكم بوجوب ذلك الواجب عند حصول ذلك الشئ " - فبطلانه غني عن البيان، إذ الفرق بين الوضع والتكليف مما لا يخفى على من له أدنى مسكة، والتكاليف المبنية على الوضع غير الوضع، والكلام إنما هو في نفس الوضع والجعل والتقرير.
وبالجملة: فقول الشارع: " دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة " و " الحيض مانع منها "، خطاب وضعي وإن استتبع تكليفا وهو إيجاب الصلاة عند الزوال وتحريمها عند الحيض، كما أن قوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * (2)، وقوله: " دعي الصلاة أيام أقرائك " (3)، خطاب تكليفي وإن استتبع وضعا، وهو كون الدلوك سببا والإقراء مانعا.