وبقاؤه قائما بهذا الموجود الباقي (1) ليس قياما بنفس ما قام به أولا، حتى يكون إثباته إبقاء ونفيه نقضا.
إذا عرفت ما ذكرنا، فاعلم: أنه كثيرا ما يقع الشك في الحكم من جهة الشك في أن موضوعه ومحله هو الأمر الزائل ولو بزوال قيده المأخوذ في موضوعيته، حتى يكون الحكم مرتفعا، أو هو الأمر الباقي، والزائل ليس موضوعا ولا مأخوذا فيه، فلو فرض شك في الحكم كان من جهة أخرى غير الموضوع، كما يقال: إن حكم النجاسة في الماء المتغير، موضوعه نفس الماء، والتغير علة محدثة للحكم، فيشك في عليته للبقاء.
فلا بد من ميزان يميز به القيود المأخوذة في الموضوع عن غيرها، وهو أحد أمور:
الأول: العقل، فيقال: إن مقتضاه كون جميع القيود قيودا للموضوع مأخوذة فيه، فيكون الحكم ثابتا لأمر واحد يجمعها، وذلك لأن كل قضية وإن كثرت قيودها المأخوذة فيها راجعة في الحقيقة إلى موضوع واحد ومحمول واحد، فإذا شك في ثبوت الحكم السابق بعد زوال بعض تلك القيود، سواء علم كونه قيدا للموضوع أو للمحمول أو لم يعلم أحدهما، فلا يجوز الاستصحاب، لأنه إثبات عين الحكم السابق لعين الموضوع السابق، ولا يصدق هذا مع الشك في أحدهما. نعم، لو شك بسبب تغير الزمان المجعول ظرفا للحكم - كالخيار - لم يقدح في جريان الاستصحاب، لأن الاستصحاب مبني على إلغاء خصوصية الزمان الأول.