الأحكام الوضعية - أعني، الأسباب والشرائط والموانع للأحكام الخمسة من حيث إنها كذلك - ووقوعه في الأحكام الخمسة إنما هو بتبعيتها، كما يقال في الماء الكر المتغير بالنجاسة إذا زال تغيره من قبل نفسه، بأنه يجب الاجتناب عنه في الصلاة، لوجوبه قبل زوال تغيره، فإن مرجعه إلى أن النجاسة كانت ثابتة قبل زوال تغيره، فكذلك تكون بعده.
ويقال في المتيمم إذا وجد الماء في أثناء الصلاة: إن صلاته كانت صحيحة قبل الوجدان، فكذا بعده - أي: كان مكلفا ومأمورا بالصلاة بتيممه قبله، فكذا بعده - فإن مرجعه إلى أنه كان متطهرا قبل وجدان الماء، فكذا بعده. والطهارة من الشروط.
فالحق - مع قطع النظر عن الروايات -: عدم حجية الاستصحاب، لأن العلم بوجود السبب أو الشرط أو المانع في وقت لا يقتضي العلم بل ولا الظن بوجوده في غير ذلك الوقت، كما لا يخفى. فكيف يكون الحكم المعلق عليه ثابتا في غير ذلك الوقت؟!
فالذي يقتضيه النظر - بدون ملاحظة الروايات -: أنه إذا علم تحقق العلامة الوضعية تعلق الحكم بالمكلف، وإذا زال ذلك العلم بطرو الشك - بل الظن أيضا - يتوقف عن الحكم بثبوت ذلك الحكم الثابت أولا، إلا أن الظاهر من الأخبار أنه إذا علم وجود شئ، فإنه يحكم به حتى يعلم زواله (1). انتهى كلامه، رفع مقامه.
وفي كلامه أنظار يتوقف بيانها على ذكر كل فقرة هي مورد للنظر، ثم توضيح النظر فيه بما يخطر في الذهن القاصر، فنقول: