أما الأول، فلأن الاستصحاب - لغة - أخذ الشئ مصاحبا، فلا بد من إحراز ذلك الشئ (1) حتى يأخذه مصاحبا، فإذا شك في حدوثه من أصله فلا استصحاب.
وأما اصطلاحا، فلأنهم اتفقوا على أخذ الشك في البقاء - أو ما يؤدي هذا المعنى - في معنى الاستصحاب.
نعم، لو ثبت أن الشك بعد اليقين بهذا المعنى ملغى في نظر الشارع، فهي قاعدة أخرى مباينة للاستصحاب، سنتكلم فيها (2) بعد دفع توهم من توهم أن أدلة الاستصحاب تشملها، وأن مدلولها لا يختص بالشك في البقاء، بل الشك بعد اليقين ملغى مطلقا (3)، سواء تعلق بنفس ما تيقنه سابقا، أم ببقائه.
وأول من صرح بذلك الفاضل السبزواري - في الذخيرة - في مسألة من شك في بعض أفعال الوضوء، حيث قال:
والتحقيق: أنه إن فرغ من الوضوء متيقنا للإكمال، ثم عرض له الشك، فالظاهر عدم وجوب إعادة شئ، لصحيحة زرارة: " ولا تنقض اليقين أبدا بالشك " (4)، انتهى.
ولعله (قدس سره)، تفطن له من كلام الحلي في السرائر، حيث استدل على المسألة المذكورة: بأنه لا يخرج عن حال الطهارة إلا على يقين من