واعلم: أنه قد يوجد شئ في زمان ويشك في مبدئه، ويحكم بتقدمه، لأن تأخره لازم لحدوث حادث آخر قبله والأصل عدمه، وقد يسمى ذلك بالاستصحاب القهقرى.
مثاله: أنه إذا ثبت أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب في عرفنا، وشك في كونها كذلك قبل ذلك حتى تحمل خطابات الشارع على ذلك، فيقال: مقتضى الأصل كون الصيغة حقيقة فيه في ذلك الزمان، بل قبله، إذ لو كان (1) في ذلك الزمان حقيقة في غيره لزم النقل وتعدد الوضع، والأصل عدمه.
وهذا إنما يصح بناء على الأصل المثبت، وقد استظهرنا سابقا (2) أنه متفق عليه في الأصول اللفظية، ومورده: صورة الشك في وحدة المعنى وتعدده. أما إذا علم التعدد وشك في مبدأ حدوث الوضع المعلوم في زماننا، فمقتضى الأصل عدم ثبوته قبل الزمان المعلوم، ولذا اتفقوا في مسألة الحقيقة الشرعية على أن الأصل فيها عدم الثبوت.