ولا يخفى أن كثيرا من كلماته - خصوصا قوله أخيرا: " خبر الشارع عن دوامها " - صريح في أن هذا الحكم غير مختص بالإجماع، بل يشمل كل دليل يدل على قضية مهملة من حيث الزمان بحيث يقطع بانحصار مدلوله الفعلي في الزمان الأول.
والعجب من شارح المختصر، حيث إنه نسب القول بحجية الاستصحاب إلى جماعة منهم الغزالي، ثم قال:
ولا فرق عند من يرى صحة الاستدلال به بين أن يكون الثابت به نفيا أصليا، كما يقال فيما اختلف كونه نصابا: لم تكن الزكاة واجبة عليه والأصل بقاؤه، أو حكما شرعيا، مثل قول الشافعية في الخارج من غير السبيلين: إنه كان قبل خروج الخارج متطهرا، والأصل البقاء حتى يثبت معارض، والأصل عدمه (1)، انتهى.
ولا يخفى: أن المثال الثاني، مما نسب إلى الغزالي إنكار الاستصحاب فيه، كما عرفت (2) من النهاية ومن عبارته (3) المحكية (4) فيها.
ثم إن السيد صدر الدين جمع في شرح الوافية بين قولي الغزالي:
تارة: بأن قوله بحجية الاستصحاب ليس مبنيا على ما جعله القوم دليلا من حصول الظن، بل هو مبني على دلالة الروايات عليها، والروايات لا تدل على حجية استصحاب حال الإجماع.