فإن قلت: على القول بكون الأحكام الشرعية تابعة للأحكام العقلية، فما هو مناط الحكم وموضوعه في الحكم العقلي بقبح هذا الصدق فهو المناط والموضوع في حكم الشرع بحرمته، إذ المفروض بقاعدة التطابق، أن موضوع الحرمة ومناطها هو بعينه موضوع القبح ومناطه.
قلت: هذا مسلم، لكنه مانع عن الفرق بين الحكم الشرعي والعقلي من حيث الظن بالبقاء في الآن اللاحق، لا من حيث جريان أخبار الاستصحاب وعدمه، فإنه تابع لتحقق موضوع المستصحب ومعروضه بحكم العرف، فإذا حكم الشارع بحرمة شئ في زمان، وشك في الزمان الثاني، ولم يعلم أن المناط الحقيقي واقعا - الذي هو المناط والموضوع (1) في حكم العقل - باق هنا أم لا، فيصدق هنا أن الحكم الشرعي الثابت لما هو الموضوع له في الأدلة الشرعية كان موجودا سابقا وشك في بقائه، ويجري فيه أخبار الاستصحاب. نعم، لو علم مناط هذا الحكم وموضوعه (2) المعلق عليه في حكم العقل لم يجر الاستصحاب، لما ذكرنا من عدم إحراز الموضوع.
ومما ذكرنا يظهر: أن الاستصحاب لا يجري في الأحكام العقلية، ولا في الأحكام الشرعية المستندة إليها، سواء كانت وجودية أم عدمية، إذا كان العدم مستندا إلى القضية العقلية، كعدم وجوب الصلاة مع السورة على ناسيها، فإنه لا يجوز استصحابه بعد الالتفات، كما صدر