النازل به جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) - لو سميناه حكما بالنسبة إلى الكل - فلا يجوز الاستدلال على نفيه بما ذكره المحقق (قدس سره) (1): من لزوم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به، لأن المفروض عدم إناطة التكليف به.
نعم، قد يظن من عدم وجدان الدليل عليه بعدمه، بعموم (2) البلوى به لا بمجرده، بل مع ظن عدم المانع عن نشره في أول الأمر من الشارع أو خلفائه أو من وصل إليه.
لكن هذا الظن لا دليل على اعتباره، ولا دخل له بأصل البراءة التي هي من الأدلة العقلية، ولا بمسألة التكليف بما لا يطاق، ولا بكلام المحقق.
فما تخيله المحدث تحقيقا لكلام المحقق - مع أنه غير تام في نفسه - أجنبي عنه بالمرة.
نعم، قد يستفاد من استصحاب البراءة السابقة: الظن بها فيما بعد الشرع - كما سيجئ عن بعضهم (3) - لكن لا من باب لزوم التكليف بما لا يطاق الذي ذكره المحقق.
ومن هنا يعلم: أن تغاير القسمين الأولين من الاستصحاب (4) باعتبار كيفية الاستدلال، حيث إن مناط الاستدلال في هذا القسم