كل فعل من جملة الأفعال التي تتصف بالحل والحرمة، وكذا كل عين مما يتعلق به فعل المكلف ويتصف بالحل والحرمة، إذا لم يعلم الحكم الخاص به من الحل والحرمة، فهو حلال، فخرج ما لا يتصف بهما جميعا: من الأفعال الاضطرارية، والأعيان التي لا يتعلق بها فعل المكلف، وما علم أنه حلال لا حرام فيه أو حرام لا حلال فيه. وليس الغرض من ذكر الوصف مجرد الاحتراز، بل هو مع بيان ما فيه الاشتباه.
فصار الحاصل: أن ما اشتبه حكمه وكان محتملا لأن يكون حلالا ولأن يكون حراما فهو حلال، سواء علم حكم كلي فوقه أو تحته - بحيث لو فرض العلم باندراجه تحته أو تحققه في ضمنه لعلم حكمه - أم لا.
وبعبارة أخرى: أن كل شئ فيه الحلال والحرام عندك - بمعنى أنك تقسمه إلى هذين وتحكم عليه بأحدهما لا على التعيين ولا تدري المعين منهما - فهو لك حلال.
فيقال حينئذ: إن الرواية صادقة على مثل اللحم المشترى من السوق المحتمل للمذكى والميتة، وعلى شرب التتن، وعلى لحم الحمير إن لم نقل بوضوحه وشككنا فيه، لأنه يصدق على كل منها أنه شئ فيه حلال وحرام عندنا، بمعنى أنه يجوز لنا أن نجعله مقسما لحكمين، فنقول: هو إما حلال وإما حرام، وأنه يكون من جملة الأفعال التي يكون بعض أنواعها أو أصنافها حلالا وبعضها حراما، واشتركت في أن الحكم الشرعي المتعلق بها غير معلوم (1)، انتهى.