الحرام الواقعي حتى لا ينافي أمره بالاجتناب عنه، إذ (1) تركه في زمان فعل الآخر لا يصلح أن يكون بدلا (2)، وحينئذ (3): فإن منع في هذه الصورة عن واحد من الأمرين المتدرجين في الوجود لم يجز ارتكاب الثاني بعد ارتكاب الأول، وإلا لغى المنع المذكور.
فإن قلت: الإذن في أحدهما يتوقف على المنع عن الآخر في نفس تلك الواقعة بأن لا يرتكبهما (4) دفعة، والمفروض امتناع ذلك في ما نحن فيه من غير حاجة إلى المنع، ولا يتوقف على المنع عن الآخر بعد ارتكاب الأول، كما في التخيير الظاهري الاستمراري.
قلت: تجويز ارتكابهما من أول الأمر - ولو تدريجا - طرح لدليل حرمة الحرام الواقعي، والتخيير الاستمراري في مثل ذلك ممنوع، والمسلم منه ما إذا لم يسبق التكليف بمعين (5) أو سبق (6) التكليف (7) بالفعل حتى يكون المأتي به في كل دفعة بدلا عن المتروك على تقدير وجوبه، دون العكس بأن يكون المتروك في زمان الإتيان بالآخر بدلا عن المأتي به على تقدير حرمته، وسيأتي تتمة ذلك في الشبهة الغير المحصورة (8).