بعد سلف أبين شاهد على ما ذكرنا المقصد الخامس في إباحة المباشرة بالآلات التي يباشر بها العمل فلا يجوز مباشرة العبادة بالآلات المحرمة فلو باشر المملوك بدن العابد العاجز مع رضاه بالنيابة عنه من دون اذن مالكه أو مطلق من وجبت عليه الطاعة بدون اذن المطاع أو من حرمت عليه المماسة من أجنبي لأجنبية أو بالعكس أو من في يده شئ محرم من خشبة ونحوها فاجرى به الماء على يده بطلت العبادة وكذا لو دفع حقا واجبا مما يدخل في العبادة كخمس أو زكاة أو كفارات ونحوها بكف مغصوبة ككف نفسه مع مملوكية منفعته أو ككف المملوك أو اناء مغصوب أو متخذ من ذهب أو فضة أو جلد ميتة ذي نفس أو كيس مغصوب ونحو ذلك مع علم الدافع بالحال بطلت ولو عصى الدافع في دفعه أصليا كان أو واسطة أو علم بمعصية القابل في قبوله واخذه مع تولى النية بطلت واما مع عدم التولي للنية وعدم علم المالك بمعصيته أو معصية القابل فلا باس ومعصية الاخذ مع عدم علم الدافع لا يقتضى بالفساد لدخولها في حكم المعاملة وكذا (ولو زعم الدافع معصية الواسطة أو الواسطة معصية نفسه وكان الزاعم متوليا للنية بطل العمل وان لم يكن كذلك أو اختص الزعم بالمدفوع إليه فلا باس ما لم يعلم به المتولي للنية - كذا في بعض نسخ الأصل) لو توضأ أو اغتسل أو تيمم أو صلى بما لا يجوز استعماله وكل آلة تتقوم بها العبادة وتتشيد بها أركانها كالسلاح والخيل والدرع ونحوها في باب الجهاد وكانت ممنوعة الاستعمال لعدم اذن المالك أو المحجر عليها لرهانة أو حجر أو فلس ونحوها استعمالها يبعث على فساد العبادة ولو استعمل آلات المحرمة فيما لا يتوقف صحته على القربة كحفر القبر ودفن الميت وتكفينه وتحنيطه صح على الأقوى والجاهل بحكم الحرمة مع امكان توجه الخطاب إليه والعالم سيان في الحكم إما الجاهل بالموضوع والناسي والغافل والمجبور والجاهل المعذور فعملهم في حيز القبول وانما تلزمهم الأجرة وفي الجبر يلزم الجابر على الظاهر لضعف المباشر وما حرم من الآلات بالتحريم يقتصر فيها على محله فان عم عم الحكم وان خص العبادات وعممها عمها الحكم وخصها وان خص واحدة اختص بها وان طرء المنع في الأثناء قطع فيما لا يحرم قطعه ولا يترتب فيها ضرر وفسد السابق ان ارتبط والا صح والرضاء في الأثناء أو بعد الفراغ لا يصحح الفائت ومن جبر على العبادة مع استعمال المحرم على المختار اقتصر فيها على مقدار الاجبار ثم إن أمكن الاتيان بالباقي من دون استلزام أمر زايد على ما يلزم من التخلص أتم والا قطع فالمتحرك في محل الغصب قاصدا للخروج والتخلص يصلى مبتدأ مع ضيق الوقت ومع السعة للكل أو لركعة في وجه أو يتم موميا عوض الركوع والسجود بعينه أو برأسه ايماء خفيفا والقول بتعيين الايماء بعينه غير بعيد وفي الفرق بين الداخل لعذر وغيره وجه قوي والمنع مطلقا غير خال عن الوجه ولو توقفت عبادته على مكان أو آلات مملوكة للغير وأمكن ارضائه مجانا من غير ضرر بالاعتبار أو بأجرة لا تضر بالحال وجب ذلك في الواجب وندب إليه في المندوب المقصد السادس في العمل بموافقة التقية التقية إذا وجبت فمتى اتى بالعبادة على خلافها بطلت وقد ورد فيها الحث العظيم وانها من دين آل محمد وان من لا تقيه له لا ايمان له وروى النهي عن أن يعمل بالتقية في غير محلها وان ندبت فلا بطلان والكلام فيها في مقامين الأول في بيان حكمها وهي على ضربين واجبة ومندوبة فالواجبة ما كانت لدفع الخوف على نفس أو عرض محرمين أو ضرر غير متحمل عن نفسه أو غيره من المؤمنين وتستوي فيها العبادات والمعاملات والاحكام من الفتوى والقضاء والشهادة على خلاف الحق فيحرم لها الواجب ويجب لها الحرام وتتبدل لها جميع الأحكام ولا يختلف فيها الحال بين ما يكون من كافر غير ذي ملة أو ملي حربي أو ذمي أو مسلم مخالف أو موافق لان مدارها على وجوب حفظ ما يلزم حفظه عقلا أو شرعا وصاحبها أدرى بها والجري المتهجم وصاحب الواهمة يرجعان إلى مستقيم المزاج ويجب الاقتصار في ترك الواجب وفعل الحرام على ما يندفع به الضرر ولو دار الامر بين ضررين وجب تجنب ما هو أشد ضررا منهما والمندوبة منها ما كانت لدفع ما يرجح دفعه من ضرر يسير يجوز تحمله مما يتعلق بنفسه أو بغيره أو لمجرد دفع عداوة أرباب المذهب المخالفة لاحتمال ما يترتب عليها من الفساد ضعيفا المقام الثاني فيما يصح بموافقتها أو يصح بمخالفتها وان خالف الواقع ويفسد كترك جزء أو شرط أو فعل شئ مانع والأصل هنا بطلان ما خالف الواقع وإن كان العمل مأمورا به لان الامر في الحقيقة متعلق بحفظ ما يلزم فالصحة وهي موافقة الامر لا يتصف بها سوى الحفظ والفعل مطلوب لغيره لا لنفسه فصحته بترتب غرض الحفظ عليه وهو متحقق ومثل هذا الكلام يجري في الجاهل والناسي والغافل في بعض الشروط ومن تأمل في أوامر السادات لعبيدهم وكل مطاعين لمطيعيهم اتضح له الحال وانكشف لديه غياهب الاشكال ثم هو على ضربين أحدهما ما يفسد مع مخالفة الحق بقول مطلق كالتقية في العقود والايقاعات والقضاء والافتاء والشهادات ومن الحاكم الظالم لغير مذهب والكافر الملي وغير الملي والحربي والذمي وفرق أهل الاسلام من أهل التشبث كالخوارج والغلاة وأهل الاسلام على الحقيقة من الناوسية والزيدية والفطحية والإسماعيلية والواقفية والفساق من أهل الحق وغيرهم لا يترتب عليها صحة الضرب الثاني التقية من أهل الخلاف فإن كانت من جهة غير المذهب فهي كالتقية من غيرهم وإن كانت من جهة المذهب بان يؤتى بالعمل موافقا لمذهب الكل منهم أو أكثرهم أو أشدهم بأسا مع المخالفة لمذهب أهل الحق وهو على أربعة أقسام الأول ما يكون في الاحكام العامة كغسل القدمين و المسح على الخفين والنكس في غسل الوجه واليدين والصلاة في جلد الميتة وما لا يؤكل لحمه والتكفير في اليدين والتأمين في الصلاة (والصلاة)
(٦١)