معناه وصف الصحة ويدخل في حكم المعاملات (ولو حصل من المعاملات) ما يعتبر فيه ذلك دخل في حكم العبادات واصل الطهارة بالنسبة إلى احتمال احتمال عروض النجاسات في غير المشتبه بالمحصور وما نزل شكه منزلة العلم كالخارج قبل الاستبراء فهو من البديهيات ومما أنفقت عليه الروايات وكلمات الأصحاب بل الظاهر اتفاق جميع أهل الملل ولزوم الجرح شاهد عليه واما بالنسبة إلى الأعيان فمما اتفق عليه الأعيان ويجري فيه من البحث ما جرى في المقام الأول بالنسبة إلى العلماء والأعوام - البحث الخامس والثلاثون - في أصل البراءة وحجيته مقطوع بها فان تكليف كل مطاع من سيد أو ولي أو شارع على وجه الايجاب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة الأصل براءة الذمة منه حتى يقوم شاهد على شغلها أو يستلزم تصرفا يحتمل في نظره منعه واصل الإباحة والطهارة وان كانا أصلين في أنفسهما لكنهما يرجعان إلى أصل البراءة وبعد ثبوت الشغل ينعكس الحال ويلزم لاحتياط بالاتيان بكل ما يحتمل توقف البراءة عليه وهذا الأصل لا يعارض قاعدة والا لانهدمت أكثر القواعد ولا دليلا عاما ولا خاصا لأنه مشروط بعدم الدليل وكذا الاستصحاب وهو الحكم باستمرار ما كان إلى أن يعلم زواله فان مجاري العادات في الشرعيات وغير الشرعيات على العمل به وطلب الدليل على رفع ما ثبت وثبوت ما انتفى مضافا إلى دلالة الاخبار عليه في مقامات عديدة كما لا يخفى على المتتبع من غير فرق بين ما أصل وجوده مقتضى للبقاء وغيره ولا يختلف الحال باختلاف الأقوال في أن الأكوان باقية أو لا محتاجة إلى المؤثر أو لا وحجيته مشروطة بعدم الدليل فلا يعارض دليلا من كتاب أو سنة أو اجماع عاما أو خاصا فلا يستصحب حكم التمام الثابت للمسافر لبعض العوارض بعد زوالها ولا حكم القصر الثابت (لعوارض تقتضيه) في الحضر كالأخاويف بعد زوالها ولا حكم الخيار إذا ثبت لسبب في عقد لازم فزال السبب ولا حكم اللزوم إذا عرض في أوقات الخيار لسبب فارتفع السبب وهكذا لان عموم الحضر والسفر واللزوم والخيار ونحوها حاكمة على الاستصحاب ولا يعارض قاعدة والاستصحابان يتعارضان ويبنى على الراجح إن كان والا كانا متساقطين ان كانا في الرتبة متساويين ولا يعارض بقاء المستصحب أصالة عدم ما يتبعه من الحوادث اللاحقة له فان ثبوت العلة والمؤثر ولو بطريق الاستصحاب قاض بثبوت الأثر والمعلول ولو جعل ذلك معارضا لم يبق في البين استصحاب يعمل عليه واما ما كان مستقلا في نفسه كأصالة عدم إصابة الرطوبة للنجاسة المعارضة لأصل بقاءها فثبت الإصابة وأصالة عدم وصول الماء إلى المحل المغسول أو رطوبته إلى المحل الممسوح المعارضة لأصالة عدم الحجب أو عدم الحاجب وأصالة عدم المانع عن إصابة النجاسة الملقاة في المسجد لأصالة عدم الحاجب وعدم وجود شخص غير زيد في الدار لأصالة عدم قتل زيد فلا عمل على الأصل فيه واما ما كان من التوابع كعصمة الماء التابعة لبقاء الكرية أو الاتصال بالمادة أو تقاطر المطر ونجاسته التابعة لعدمها ونجاسة الكافر التابعة لبقاء الكفر وبقاء حكم المتنجس و فينجس وعدم التذكية فينجس الماء إلى غير ذلك فإنها تثبت لها توابعها الشرعية لان الثابت شرعا كالثابت عقلا والاحكام من التوابع بخلاف توابع الموضوعات الاتفاقية لان مقتضى الظاهر من الأدلة جرى الاستصحاب في التوابع والمتبوعات مطلقا فتحصل المعارضة حينئذ الا فيما قام الدليل على الغاء الأصل فيه ويتسرى الاستصحاب إلى كل قطعي الثبوت أو ظنيته بطريق شرعي من موضوع أو حكم عقليين أو عاديين أو شرعيين مأخوذين من عقل أو كتاب أو سنة أو اجماع ولو لم يبق علمه باليقين السابق مع علمه بأنه كان عالما فلا يخلو إما ان ينسى طريق علمه السابق أو يذكره ويتردد في قابليته لإفادة العلم أو يعلم عدم قابليته والأقوى جرى الاستصحاب في القسمين الأولين خاصة واما ما وقع منه من العمل فيحكم بصحته ما لم يعلم بعدم قابلية مقتضى علمه ولو كان الحكم الثابت أولا بطريق ظني وجرى الحكم الظاهري فزال الظهور بنى على صحة ما تقدم من العمل سواء كان عن اجتهاد أو تقليد ولو حصل القطع بخلافه أعاد ما فات - البحث السادس والثلاثون - في أن الأصل فيما خلق الله تعالى من الأعيان من عرض أو جوهر حيوان أو غير حيوان صحته وكذا ما أوجده الانسان البالغ العاقل من أقوال أو أفعال فيبنى فيها على وقوعها على نحو ما وضعت له وعلى وفق الطبيعة التي اتحدت به من مسلم مؤمن أو مخالف أو كافر كتابي أو غير كتابي فيبنى اخباره ودعاويه على الصدق وافعاله وعقوده وإيقاعاته على الصحة حتى يقوم شاهد على الخلاف الا ان يكون في مقابلته خصم ولا سيما ما يتعلق بالمقاصد ونحوها ولا تتعلق به مشاهدة المشاهد فإنه يصدق مدعيه ويجري الحكم على نحو الدعوى فيه فمن ادعى القصد بإشارته دون البعث أو قصدا خاصا لعبادة خاصة أو معاملة كذلك أو ادعى العجز عن النطق بألفاظ العبادات أو المعاملات أو عن الاتيان بها على وفق العربية فيما تشترط فيه كالطلاق أو العجز عن القيام أو تحصيل الماء في صلاة النيابة بطريق المعاوضة أو عن وطي المرأة بعد الأربعة أشهر أو قصد النيابة أو الأصالة أو الاحياء أو الحيازة إلى غير ذلك فلبس عليه سوى اليمين وتفصيل الحال ان الأصل في جميع الكائنات من جمادات أو نباتات أو حيوانات أو عبادات أو عقودا وايقاعات أو غيرها من انشاءات أو اخبارات أن تكون على نحو ما غلبت عليه حقيقتها من التمام في الذات وعدم النقص في الصفات وعلى طور ما وضعت له مبانيها وعلى وجه يترتب عليه اثارها فيها على معانيها من صدق الأقوال وترتب الآثار على الافعال ويفترق حال الكافر عن المسلم بوجوه أربعة - أحدها - ان الصحة في أفعال الكافر وأقواله انما تجرى على مذهبه وفي المسلم تجري على الواقع فاخذ الجلد المدبوغ
(٣٥)