في كتاب الله وفي الروايات مضافا إلى أدلة اخر قد اتضح حالها فيما مر ولا من الاعذار المحضة التي يرتفع حكمها بارتفاع الاجتهاد وعليه يلزم على المجتهد ومقلديه بعدوله عن الاجتهاد الحكم على ما مر بالفساد ولزوم الإعادة والقضاء فيما فيه قضاء وإن كان هو الموافق للأصل وغيره من الأدلة كما مر لترتب الجرح على ذلك وخلو الاخبار والمواعظ والخطب عن بيانه مع أن وقوع مثله من الأصحاب كثير لا يعد بحساب على أنه لا رجحان للظن على الظن السابق حين ثبوته وان جعلنا الصحة عبارة عن ترتب الآثار كسقوط القضاء أو موافقة الامر مطلقا ولو ظاهريا كان عمل المجتهد ومقلديه صحيحا وان اعتبرنا فيها موافقة الامر الواقعي سميناه فاسدا وعلى كل حال فالقول بتصويب المجتهد على معنى انه ليس لله حكم واقعي بل حكمه ما أودع في قلوب المجتهدين مناف لضرورة المذهب بل والدين بل دين الأنبياء السالفين ويلزم عليه ان كثيرا من أقوال المجتهدين مع البناء عليها يلزم معها مخالفة العقل وحصول الفساد على المسلمين ويلزم الجمع بين المتناقضات من الاحكام لاختلاف الاجتهاد كالحرية والملكية والزوجية والأبوة والبنوة والقرابة والوقف والعتق وخلافها ونحو ذلك لابتنائها على موضوعات متفرقة على اختلاف أراء المجتهدين حتى ينتظم قياس من الشكل الأول بديهي الانتاج والتعلل بوجوه ذكروها اوهن من بيت العنكبوت واما القول بالتصويب على معنى ان الاجتهاد من الصفات وحكمه حكم الموضوعات فخطأ أيضا لما ذكرناه سابقا ولأنه يلزمه مثل ما لزم المصوب ولو عرض على أدنى الأعوام القول باجتماع الصفات المتضادة باعتبار اختلاف الاجتهادات لعده من الخرافات ففي القول بالإصابة بمعنييها خروج عن الإصابة كما أن القول بعدم الفرق بين الأصول الدينية والفروع الشرعية في ترتب المؤاخذة للمجتهدين على الخطاب في الأحكام الواقعية مردود بالسيرة القطعية وبعض ما مر من الأدلة الشرعية وبمنافات مذهب العدلية والله أعلم وهو قول غريب أشد غرابة من القول بالتصويب ويلزم على ذلك مسارات العلماء الأبرار للأشقياء الفجار في استحقاق الدخول في النار وهذا مما لا يرضى به الجاهل فضلا عن العالم العاقل - البحث الثامن والأربعون - ان ما اشتملت عليه الكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة أو غيرها من كتابين أو ثلاثة لا يعقل فيها التواتر لفظا ولا معنى بالنسبة إلى الصدور عن الأئمة المعصومين لقلة الراوين وندرة المخبرين وما رووا تواتره في عصرهم عن أئمتهم أو عن أصحابهم أو أصحاب أئمتهم لا يقتضي تواتره عندنا انما التواتر فيما تكثرت نقلته بحيث امن كذبهم تعمدا واشتباها في كتب متعددة أو على السن متعددة يحصل معها الامن من ذلك مع حصول ذلك في تمام الطبقات كالكتب الأربعة ونظيرها من كتب القدماء فان تواترها عنهم بالنسبة إلينا في الجملة لا في خصوص الكلمات وابعاض الروايات مما لا شبهة فيه ولا شك يعتريه فلا قطع من جهة التواتر قطعا بصدور آحاد تلك الأخبار عن الأئمة الأطهار واما من جهة القرائن فهي غير مفيدة للعلم لكثرة الكذابة على نبينا وأئمتنا كما روى عنهم واختلاط اخبارهم المروية عنهم صدقها بكذبها فوجب على العلماء في علمهم تبيينها ليعرف غثها من سمينها فتوجه لتصحيحها خلفهم بعد سلفهم على وجه تركن النفس إلى العمل بها والا فالعلم عزيز لا يحصل الا في أقل القليل منها وعلى تقدير حصول العلم لهم لا يلزم حصوله لنا لنفي العصمة عنهم وجواز وقوع الخطاء منهم في المسموع من الرواة السابقين أو من الأئمة الهداة المهديين وبعد جواز التصرف في المباني والاكتفاء بنقل المعاني يجوز عليهم الخطأ في مفهوماتهم فضلا عن مسموعاتهم بالنسبة إلى جميع الطبقات المتقدمة عليهم أو إلى أئمتنا صلوات الله عليهم ولو منعنا من النقل بالمعنى اغنى احتمال تجويزهم له ثم كيف يحصل لنا العلم بتقليدهم في معرفة أحوال الرجال ومعرفة المضمرات والموقوفات وتميز المشتركات وسلامة السند من ترك بعض الطبقات ومن غلط الكتاب وفي الاعتماد في ذلك على الكتاب فان علمهم لا يؤثر في علمنا وقطعهم لا يؤثر في قطعنا والمحمدون الثلاثة رضوان الله عليهم كيف يعول في تحصيل العلم عليهم وبعضهم يكذب رواية بعض بتكذيب بعض الرواة في بعض الطبقات فلا نعلم أن القطع يحصل بقول القائل أو بقول من نسب الرواية إلى الباطل ورواياتهم بعضها تضاد بعضا كرواية ان دم الحيض من الأيمن والقرح من الأيسر ورواية العكس من الشيخ والكليني وما استندوا إليه مما ذكروا في أوايل الكتب الأربعة من أنهم لا يروون الا ما هو الحجة بينهم وبين الله تعالى أو ما يكون من قسم المعلوم دون المظنون فبناءه على ظاهره لا يقتضي حصوله بالنسبة إلينا إذ علمهم لا يؤثر في علمنا مع أنه يظهر من تضاعيف كلامهم في كتبهم خلاف ما ذكروه في أوايلها فهو مبني إما على العدول أو التنزيل على إرادة الجنس أو إرادة العلم بالحكم الظاهري أو تسمية المظنون علما ثم إن كتبهم قد اشتملت على اخبار يقطع بكذبها كاخبار التجسيم و التشبيه وقدم العالم وثبوت المكان والزمان فلا بد من تخصيص ما ذكر في المقدمات أو تأويله على ضرب من المجازات أو الحمل على العدول عما فات أو المقصود العلم بالحكم الظاهري كما ذكرنا مضافا إلى أن الاستمرار على النقد من الصلحاء الأبرار أبين شاهد على بقاء الغش على الاستمرار وانه لا يجب على الأئمة (ع) المبادرة إليهم بالانكار ولا تميز الخطاء من الصواب لمنع التقية المتفرعة على يوم السقيفة ودحرجت الدباب ثم إن نقد النقدة وصرف الصيارفة رضوان الله عليهم لم يعلم أنه كان لتحصيل العلم أو الظن أو مجرد الاحتمال حتى لا يخرجوا من كتبهم الا ما علم كذبه ثم لم يعلم أنهم اشتركوا جميعا في نقل كل رواية على طريق التنزل والا فقد علم عدم الاشتراك وعلى فرضه لا يحصل العلم من علمهم واما على تقدير الاختصاص وعدم معرفة عدد المختص فلا علم بديهة ومن أمعن في كتبهم نظره وأحال في اختلافاتهم فكره فهو بين محايد
(٤٠)