دليل على الخلاف البحث العاشر في أن مطلوبية الفعل في جميع اللغات ايجابا أو ندبا بأي صيغة كانت من غير فرق بين افعل وغيرها كمطلوبية الترك لا تقتضي توقيتا وانما تقتضي الفور على النحو المتعارف في مثل ذلك الفعل لان ظاهر تخصيص الزمن الأول بالقاء صيغة الخطاب انه لا ميدان يتسع لها والا لأخرها ولان الأزمنة متساوية في حسن الترك فيها مع عدمه فيلزم الاهمال ولان المريد للشئ يتأكد داعيه ويكثر حرصه على المبادرة إليه قضاء لحق الحب وامتثالا لأمر سلطان الهوى كما أن قرب المكان في جنب الأعيان كذلك ولان أكثر افراد المطلق وأشهرها وأكملها وأظهرها إرادة المبادرة ولأنه قد وجب الاتيان به في زمن معين والخروج عن عهدة التكليف مقصور على الأول ولان الاحتياط لخوف عروض التعذر أو التعسر لازم حتى أن المأمور إذا اخر العمل فتعذر لم يعذر واشتراط العصيان بما إذا ظن الفوات بعيد في النظر ولان العرف يقضي بذلك حتى لو أن مأمورا سئل الامر قائلا متى تريد مني هذا الفعل عد لاغيا وربما يدعى ان ظاهر الاخبار عن الكائنات اتصال وقوع المخبر به وظاهر التمني والترجي والإرادة والمحبة ونحوها الوقوع بعد وقوع الصيغة ومن تتبع الاخبار ونظر في الآثار وجد ما يستفيد منه ما ذكرناه البحث الحادي عشر في أن الامر بالشئ في ساير اللغات كالاخبار عنه وتمنيه وترجيه واباحته ومحبته وارادته لا تدل على وحدة بلا شرط ولا بشرط لا ولا على دوام فيما يمكن ان يدوم ولا تكرار فيما يمكن ان يتكرر وانما مقتضاها نفس وقوع الحقيقة كما هو ظاهر الاطلاق ولا يتوقف على القول بالوجود بمعناه ولا بمعنى وجود افراده لاغناء الانتزاع عنه فمن اتى بالآحاد دفعة امتثل بالمجموع لا بواحد منها كما تقتضيه الوحدة المطلقة ومع الترتيب يتساويان كما في الاقتصار على الوحدة فمرجوحية الآحاد من حيث الفردية لا تقتضي مرجوحية الحقيقة (الحقيقة لا تقتضي مرجوحية صح) ويجوز تعلق الامر بها مع امكان غير المرجوح منها كما أن مرجوحية الفرد وان امتنع التكليف للملازمة لان تضاد الاحكام انما يكون مع وحدة الموضوع أو لزوم الاستحالة كما إذا انحصر الفرد أو تعلق الامر بالفرد والنهي بالحقيقة فلا معارضة عقلية بين الامر بالطبيعة والنهي عن خصوص الفرد وانما المعارضة ظاهرية صورية ويبتنى عليها تقييد الأوامر المطلقة بالنواهي المقيدة وبالعكس لان ذلك مقتضى فهم أهل العرف واللغة في جميع الخطابات وكل أقسام اللغات البحث الثاني عشر في أن الامر بالامر لمأمور ليس بأمر عليه وليس بأمر به على الامر المأمور ولا المأمور عليه وهو يتضمن أمرين كل منهما يتبع حال مدلوله فيختلفان ويتفقان فقد يرجعان إلى ايجاب أو ندب الندب أو ايجاب الندب أو ندب الايجاب كما يتعلق الإباحة والكراهة والتحريم بالامر بقسميه على نحو تعلقها بالنهي وهي بعضها ببعض كما أن الاخبار بالاخبار أو تمني التمني أو ترجي الترجي مثلا ليس باخبار ولا تمني ولا ترجي ثم ما كان فيه من مادة أمر تفيد الوجوب بناء على إفادة مطلق الطلب ومع التخصيص بالصيغة لا تفيد الوجوب وإن كان عبارة عن الصيغة للفرق بين العارض والمعروض فعلى ما تقرر يكون حكم المأمور الأول يتبع الأمر الأول والمأمور الثاني يتبع أمر الأمر الثاني فلا يدخل مأمور ومن أمر بأمر قوم بالاجتماع لضيافتهم أو بأخذ شئ مما يقسم بينهم تحت أمر الامر كما لا يدخل المأمور في حكم جماعتهم واستحقاق شئ من قسمتهم لكنا وجدنا في بعض احتجاج بعض الأئمة الأطهار عليهم السلام ما يدل على ثبوت الحكم للمأمور الثاني بالامر بالامر على أن ظهور ذلك من مقتضى الحال غير خفي خصوصا فيما بنيت احكامه على العموم ولا سيما في أوامر الشرع الظاهرة في عموم المكلفين بل يظهر من التتبع دخول المأمور الأول في حكم مأمور الثاني وان صدره من غيره بأمره فالحال لا يخفى على من تدبر في مواضع الاستعمال البحث الثالث عشر في أن الخطاب بالمركبات الصرفة وذات الأجزاء المتصلة به ظاهر في إرادة المجموع والاجزاء بالتبع فالمأمور به واحد فإذا فات منه جزء فات المجموع الا ان يتعسر ويقال بدخوله تحت الخبر أو يظهر من حال الخطاب حصول توزيع الغرض المطلوب على الأجزاء فإذا اتى بجزء منه حصل منه بعض المطلوب كالأمر بستر العورة وجميع ما يحرم نظره عن الناظر في الصلاة وستر بعض رأس المحرم ووجه المحرمة في الاحرام وغسل بعض الكف أو الكفين والتمضمض والاستنشاق في أحد الجانبين من الصفحتين أو المنخرين في وضوء أو غسل واما ما انفصلت اجزائه فالذي يظهر من خطاب الموالي لعبيدهم وجميع الامرين لمأموريهم وخطاب الشارع للمكلفين سواء خاطبوا بها مجملة مركبة كالخطاب باعطاء الأرض الفلانية وما في الكيس الفلاني لشخص أو اشخاص واحياء الليل والقيام على ساق طول النهار والآتيان بقربة من الماء أو كيلة من بعض الأشياء ونحو ذلك والخطاب بالزيارات والدعوات الموضفات وصيام رجب وشعبان ورمضان ونحوها مما كانت مجملة أو بما كانت مفصلة بذكر الابعاض والكسور أو بالعدد كصوم ثلاثة أيام من كل شهر وأيام البيض وصوم عمل أم داود وتسبيح الزهراء (عليها السلام) واللعن في عاشوراء والتكبيرات في العيدين وامام الزيارات والذكر عند طلوع الشمس وغروبها وقراءة خمسين أية في كل ليلة وقراءة القدر سبعا على القبر والتوحيد إحدى عشرة للأموات والاستغفار وقول العفو العفو في الوتر وغيره وأربع ركعات الحبوة وجميع الاذكار والقراءات ونحوها من سور وآيات وما قرر في كتابة الحروز والتعويذات مما ذكرت معدودة في الروايات وكامر الموالى للعبيد إذا أمروا بالذهاب إلى السوق عشر مرات أو اعطاء أحد وعشرين درهما ان هناك خطابين أحدهما متوجه إلى الطبيعة المشتركة بين الأجزاء والآحاد وثانيهما إرادة ذلك العدد المخصوص من بين الاعداد فالاتيان
(٢٤)