يتوصل إليه أيسر من حصوله بالضروري وحكم الشرع بالنسبة إلى شرايع الأنبياء السابقين وبالنسبة إلى شرع المخالفين على نحو ما مر وكذا حكم أرباب العلوم باقسامها والصناعات وكل من امكان الحصول والعلم وفعليتها من القطعيات وانكار الحجية له انكار لصاحب الشريعة فهو باعث إما على الكفر الاسلامي أو الايماني وفي الآيات من وجوب اتباع المؤمنين والمراد انه كاشف عن قول المعصوم وهذا طريق سلكه كل سالك في علم أو عمل فلاهل اللغة والعربية وغيرهم من أهل الفنون ولأهل الحرف والصنايع وغيرهم من المكتسبين واليهود والنصارى وغيرهم من الملبين ولأهل الخلاف وغيرهم من فرق المسلمين اتفاق في أمر ضروري أو نظري يتعرفون (يعترفون) به مذاهب رؤسائهم وكبارهم السالفين لاتفاق أقوال علمائهم على رأى واحد والجعفرية لا يقصرون عنهم فلهم احكام توارثها صاغرهم عن كابرهم ووصلت بوسايط وبلغت في الحكم حد الضرورة أو القطع بالنظر أو بالطريق الظني المعتبر كظن الخبر ودعوى ان ذلك من قبيل الاخذ بطريق الحدس لا بالحس مردودة فلا يقبل بان القطع طريق للشهادة والخبر كما مر من اي طريق صدر مضافا إلى أنه ليس من الحدس الصرف بل ماخذه من الآثار المسموعة أو المرسومة كما إذا نقل ناقل أراء قوم قد مارسهم وعلم طريقتهم واستخرج أحوالهم ونقل بداهة حكم بينهم أو قطعيته أو اشتهاره فالمخبر بالعدالة والشجاعة والسخاوة وجميع مكارم الأخلاق انما يعلم بالآثار وفي نهج البلاغة وبعض الأخبار ما يدل على أن النادر لا عبرة به ما يؤذن بذلك ولولا الشهرة على عدم اعتبار الشهرة فيضعف وان لم يمتنع لأجلها الاعتماد عليها فينقدح الظن الحاصل منها لقلنا بحجيتها والقدح بالعدول من الناقل نفسه عن العمل بمقتضاه ونقل الاجماع على الأخف منه والاختلاف بين النقلة وبأنه لا تحصل المظنة بصدق النقل لان ذلك مما يستبعده العقل أو ان مستند الاجماع مختلف فيه ومذهب الناقل قد يغاير مذهب المنقول له مردود في الأول بان ظهور الخلاف في بعض الأخبار للاشتباه واختلافها باختلاف زعم المخبرين لا يقتضي نفي حجية جميع الأخبار وفي الثاني يمنع الاستبعاد ونحن نرى ان أكثر الاحكام مستندها الاجماع بل لو لم ترجع إلى الاجماع لم تغن الأخبار الواردة في مقامات خاصة في اثبات الاحكام العامة فينعطل أكثر الأحكام الشرعية وفي الثالث بان البناء في الافعال والاخبار والشهادات على الصحة بالنسبة إلى الواقع دون المذهب وبان الاجماع له معنى واحد وهو الاتفاق الكاشف عن قول المعصوم وما عداه من جملة القرائن المفيدة للقطع كالعمل المتكرر والتقرير ونحوها وليست منه وبان الظاهر ممن ينقل ذلك إرادة المعنى المشترك دون المختص به ثم ذلك لا يقتضي السلب الكلي وانما يقتضي عدم الحجية بالنسبة إلى صاحب هذا المذهب وقد مر بيانه - البحث الثالث والثلاثون - السكوت من حيث هو هو لا يعرف به مذهب ولا يثبت به شهرة ولا اجماع بسيطان ولا مركبان لان العام لا يدل على الخاص الا إذا ذكروا مسألة وميزوا به بين حرامها وحلالها وذكروا ما حرم منها وسكتوا عن شئ من ذلك فان السكوت هناك دليل على اباحته عندهم كالجمع بين الفاطميتين ومتعة العلوية وطهارة الحديد ونحوها فليس احداث أقوال لم تنقل عن السابقين من قبيل خرق الاجماع المركب حتى يعلم عدم القول سابقا من أحد على وجه يعم المعصوم ولا معنى لتركيب الاجماع والشهرة من سكوت وقول والشهرة المركبة يضعف ظنها ويضعف الترجيح بها وكلما وردت رواية سكتوا عن العمل بمقتضاها أو عملوا بخلافها دخلت في حكم الضعيفة وإن كانت صحيحة وكثرتها مع الاعراض عنها كما في اخبار صلاة الجمعة وغسلها ونجاسة الحديد وأوامر الوضوء وغسل الأواني والبدن والثياب والجهاد ونحوها يزيدها ضعفا لبعد غفلتهم عنها والاجماع والشهرة المعنويان أو اللفظيان المنقولان ينقسم خبرهما إلى أقسام الخبر من متواتر لفظا أو معنى وآحاد محفوفة بقرائن العلم لفظا ومعنى وغير محفوفة صحيحة أو ضعيفة إلى غير ذلك - البحث الرابع والثلاثون - في أن أصالة الإباحة والخلو عن الأحكام الأربعة فضلا عن مطلق الجواز فيما لم يترتب عليه ضرر ولم يشتمل عليه تصرف في حق بشر ما دلت عليه الأخبار وظهر ظهور الشمس في رابعة النهار وعده الصدوق من دين الإمامية وفي إجادة النظر والفكر في حال الموالي و أصحاب الدور إذا وضعوا لعبيدهم أو أضيافهم مساكن وموايد وفرشا وملابس وآدابا وطرايق وهكذا ثم أمروهم ببعض ومنعوهم عن بضع وسكتوا عن غيره فضلا عن أن ينصوا على اباحته وفي جري سيرة المسلمين بل جميع المليين على عدم التوقف في هيئات قيامهم وقعودهم و جلوسهم وركوبهم وملابسهم وفرشهم وبنائهم وغذائهم واكل النباتات والتكلم في المخاطبات على الرجوع إلى أنبيائهم ثم إلى علمائهم وفي لزوم الجرح التام على أهل الاسلام بل على جميع الأنام بناء على الخلاف كفاية لمن نظر وبصيرة لمن استبصر وحديث تجنب الشبهات مبنى عليها و الا دخلت في المحرمات وحديث الوقف معمول عليه عند الجميع إذ لو لم نؤمر بالتوقف حتى نلقى الإمام (ع) ونرجع إليه في الاحكام لم يبق في البين ما يعد من الحرام غير أن الأصل ليس بحجة لمن عرض له شك في حرمة الا بعد النظر في الأدلة واستفراغ الوسع في استنباط الاحكام منها لمن كان له قابلية لذلك وفاقد القابلية يجب عليه الرجوع إلى القابل في كل ما اعتراه الشك فيه والا لاستحلت المحرمات ودخلت في قسم المباحات غير أنه لا يتمشى في العبادات شطورا وشروطا ورفع موانع في طهارة أو لباس أو وضع ونحوها أو قنوت بالفارسية ونحوها كما لا يتمشى فيها أصل البراءة ولا أصل العدم ولا في المعاملات في القسمين الأولين لما بينا سابقا أو سنبين من أن ألفاظ العبادات موضوعة للصحيح منها فهي مجملة لا تتميز مع احتمال الشرط والشطر والمانع وألفاظ المعاملات للأعم فاجمالها مخصوص بالقسم الأول وما كان من العبادات بالمعنى الأعم لا يدخل في
(٣٤)