وقد تكون مفهومة مرادة ولا استعمال ككثير من المفاهيم والإشارات والتلويحات ونحوها وقد يفهم بلا استعمال ولا إرادة كالمعاني الحقيقية مع قرينة المجاز وقد يكون استعمال ولا إرادة كالكناية على الأقوى - البحث التاسع والعشرون - قد علم بالبديهة ان المدار في طاعة العبيد لمواليهم وساير المأمورين لأميرهم على العلم بمرادهم إما تصريحا أو من تتبع أقوالهم (أو أفعالهم) أو ما يقوم مقامه من مظنة عهدوا إليهم في اتباعها والعمل بها فلو تعلق حكم بشئ وعلمت أولوية اخر من داخل أو خارج أو ظنت من داخل فيكون من المفاهيم اللفظية أو علمت مساواته أو ظنت من داخل كذلك كان مثبتا لحكمه فالأولوية بقسميها وتنقيح المناط ومنصوص العلة لا ينبغي التأمل في اعتبارها وكذا ما ينقدح في ذهن المجتهد من تتبع الأدلة بالانبعاث عن الذوق السليم والإدراك المستقيم بحيث يكون مفهوما له من مجموع الأدلة فان ذلك من جملة المنصوص فان للعقل على نحو الحسن ذوقا ولمسا وسمعا وشما ونطقا من حيث لا يصل إلى الحواس فاعتبار المناطيق والمفاهيم والتعريضات والتلويحات والرموز والإشارات والتنبيهات ونحوها مع عدم ضعف الظن من مقولة واحدة إذ ليس مدار الحجية الا على التفاهم المعتبر عرفا - البحث الثلاثون - في أن ما صدر من الأقوال والأفعال الاختيارية عن الطبيعة لا بد ان يكون عن داع وغرض معتد به فوقوع الكلام من المتكلم من غير قصد هذيان ونحوه بل لابد ان يكون عن داع لغرض من الأغراض ثم قد لا يكون بقصد الخطاب وشبهه مما لا يتعلق بالأحكام كالتلاوة والاذان والإقامة وساير الاذكار والدعوات والتكرير للحفظ والتعليم للقران وانشاد الشعر والتلذذ بالغناء وذكر المعايب والهجو والمدح ونحو ذلك وقد يكون مما يتعلق بالأحكام إما بطريق الجعل كالنذر والايمان وأكثر الايقاعات وقد يكون بطريق الخطاب مجازا إما بطريق الوضع كالوصايا ونحوها من الوقفيات والسجلات وغيرها أو بطريق التعليق بمعنى تعلقه على وجود المخاطب مجازا أو التنزيل بتنزيل المعدوم أو الموجود الغائب منزلة الموجود أو الحاضر تجوزا وقد يكون بطريق الخطاب التحقيقي كل ذلك مع ذكر ما هو حقيقة في المخاطب من كاف الخطاب أو بائه أو يائه أولا مع ذكره كالخطاب بالحديث والنقل عن الحوادث ونحو ذلك والشرط في جواز القسم الأخير بقسميه بحيث يخرج عن السفه واللغو وجود المخاطب وحضوره في مجلس الخطاب ليعلم التوجه إليه وسماعه وفهمه ولو بمترجم حين الخطاب ومع التأخير يدخل في الوضع فان خلى عن شئ من ذلك كان سفها وظلة من العقل ولا يدخل في المجاز ولا فرق في الحال بين خطاب المخلوق وخطاب ذي العزة والجلال ولا بين الخالي عن الشروط منفردا أو منضما وتحقق خطاب المشافهة للموجودين والحاضرين بالنسبة إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين (ع) لا شك فيه ولا شبهة تعتريه واما فرضه بالنسبة إلى الخطابات القرآنية التي هي مورد البحث بين العلماء ففي غاية الاشكال لأنا لا نشك في أنه قد خلقت كلماته وكتب في اللوح المحفوظ قبل خلق الانسان ولو فرضنا تأخر خلقه إلى زمان بعثة نبينا صلى الله عليه وآله لم يكن للناس علم بصدور الخطابات وفقدت شرائطه بالنسبة إليهم وجبريل والنبي صلى الله عليه وآله راويان ومن البعيد ان يقال هما اللتان يخلق الله تعالى في لسانيهما الكلمات كما يخلقها في الشجر والمدر وغيرهما من الجمادات فجعله من خطاب الله تعالى على ظاهره حقيقة غير ممكن نعم يمكن ان ينزل على إرادة انه من باب الخطابات إلى النبي صلى الله عليه وآله أصالة فيملي عليهم مخاطبا لا راويا وفي ثبوته بحث والأقوى ان خطاب المشافهة على وجه الرواية من الرسول يقتضي الاختصاص باهل الحضور لأنه يستدعي اتحاد وجود المرسول إليه والمتلو عليه وحضورهما وهو المقصود بالمخاطب مشافهة فظهر اختصاص الخطاب بمن جمع الشرايط وتسرية الحكم إلى المعدوم فيما لم يقم دليل على الخلاف بالاجماع تحصيلا أو نقلا أو بجعل الخطاب من قبيل الوضع أو بالحاق ما في اللوح المحفوظ بالسجلات والحجج المدخرات أو من جهة السيرة المعروفة والطريقة المألوفة خلفا بعد سلف من تسرية حكم السالفين إلى اللاحقين من غير احتياج إلى برهان مبين وفي احتجاج الأئمة الطاهرين والعلماء الماضين بتلك الآيات بالنسبة إلى من غبر ومن هوات كفاية في اثبات المطلب وفيما تواتر معنى من الروايات كقوله حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة وقوله صلى الله عليه وآله حكمي على الواحد حكمي على الجماعة فلا فرق حينئذ بين المشتمل على صيغة الخطاب كلفظ افعل أو صيغة النداء كيا أيها الناس يا أيها الذين امنوا أو ضمير المخاطبين كحرمت عليكم أنتم الفقراء والخالي عن الجميع كالاخبار وبيان الاحكام مع الخلو عن الجميع ثم إما ان يكون بلفظ الجمع أو المثنى أو المفرد وينجز حكم خطاب الواحد إلى غيره من صفة وحكم الخ (الخلو) بالصنف إلى غيره ما لم تظهر الخصوصية على الأقوى وحكم النبي صلى الله عليه وآله إلى الأمة وحكمهم إليه وحكم الأئمة إلى غيرهم وحكم غيرهم إليهم وحكم الحاكم إلى الرعية وحكم الرعية إلى الحاكم وحكم الموجودين إلى المعدومين والغائبين إلى الحاضرين ما لم يتعلق بالصفات فيعلم بالمفهوم ان لها خصوصيات البحث - الحادي والثلاثون - في أن لزوم العمل بالقران في الجملة وفهم معانيه كذلك يكاد ان يلحق بالضروريات وبالمتواترات معنى فان من تتبع الروايات وامعن النظر في كلام الأئمة الهداة واطلع على احتجاجهم على أهل الكتاب وغيرهم بآيات الكتاب واحتجاج الأصحاب بها خلفا بعد سلف الحق المسألة بالضروريات مضافا إلى سيرتهم المألوفة وطريقتهم المعروفة في العمل به مع أنه المرجع في ترجيح الاخبار والميزان التي عليها المدار باتفاق جميع علماء الاعصار مع خلو أكثره عن تفسير الاخبار ومن أنكر ما قلناه ولم يذهب إلى ما حررناه فقد خالف قوله عمله وعمل الأئمة (ع) والعلماء الماضين في مخاطبة الناس حال الوعظ والنصيحة بالآيات المتعلقة بهما مع خلوها عن تفسير الأحاديث ثم لو كانت مفسرة لم يذكروا التفسير في موعظتهم فان أرادوا منهم فهم المعاني المفسرة
(٣٢)