أنزل فيهم: (إنما النسئ زيادة في الكفر) الآية. وأشهر الحج عندنا: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، على ما روي عن أبي جعفر، وبه قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم. وقيل: هي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، عن عطاء والربيع وطاوس، وروي ذلك في أخبارنا. وإنما صارت هذه أشهر الحج، لأنه لا يصح الاحرام بالحج إلا فيها بلا خلاف، وعندنا لا يصح أيضا الإحرام بالعمرة التي يتمتع بها إلى الحج، إلا فيها. ومن قال: إن جميع ذي الحجة من أشهر الحج، قال: لأنه يصح أن يقع فيها بعض أفعال الحج مثل صوم الأيام الثلاثة، وذبح الهدي.
ومتى قيل: كيف سمي الشهران، وبعض الثالث أشهرا؟ فجوابه: إن الاثنين قد يقع عليه لفظ الجمع، كما في قوله: (ظهراهما مثل ظهور الترسين). وأيضا فقد يضاف الفعل إلى الوقت، وإن وقع في بعضه، ويضاف الوقت إليه كذلك. تقول:
صليت صلاة يوم الجمعة، وصلاة يوم العيد، وإن كانت الصلاة في بعضه. وقدم زيد يوم كذا، وإن كان قدم في بعضه، فكذلك جاز أن يقال في شهر الحج ذو الحجة، وإن وقع الحج في بعضه.
(فمن فرض فيهن الحج) معناه: فمن أوجب على نفسه فيهن الحج، أي:
فمن أحرم فيهن بالحج بلا خلاف، أو بالعمرة التي يتمتع بها إلى الحج على مذهبنا.
(فلا رفث) كني بالرفث عن الجماع هاهنا عند أصحابنا، وهو قول ابن مسعود وقتادة. وقيل: هو مواعدة الجماع، والتعريض للنساء به، عن ابن عباس وابن عمر وعطا. وقيل: هو الجماع والتعريض له بمداعبة أو مواعدة، عن الحسن. (ولا فسوق). وروى أصحابنا أنه الكذب. وقيل: هو معاصي الله كلها، عن ابن عباس والحسن، وقتادة، وهذا أعم، ويدخل فيه الكذب. وقيل: هو التنابز بالألقاب لقوله:
(بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) عن الضحاك. وقيل: هو السباب لقوله: " سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر " عن إبراهيم ومجاهد. وقال بعضهم: لا يجوز أن يراد به هنا إلا ما نهي المحرم عنه مما يكون حلالا له إذا أحل، لاختصاصه بالنهي عنه، وهذا تخصص للعموم بلا دليل. وقد يقول القائل: ينبغي لك أن تقيد لسانك في رمضان، لئلا يفسد صومك. وقد جاء في الحديث: " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك ". فإنما خصه بذلك لعظم حرمته.
(ولا جدال في الحج) روى أصحابنا أنه قول لا والله وبلى والله صادقا أو