أهل الدنيا عن ثواب الله إياهم. فإذا برزوا لعدوهم، وأشرعت الأسنة، وفوقت السهام، وتقدم الرجل إلى الرجل، حفتهم الملائكة بأجنحتها، يدعون الله بالنصرة والتثبيت، فينادي مناد: الجنة تحت ظلال السيوف.
فتكون الطعنة والضربة على الشهيد أهون من شرب الماء البارد في اليوم الصائف. وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو ضربة، لم يصل إلى الأرض حتى يبعث الله إليه زوجته من الحور العين، فتبشره بما أعد الله له من الكرامة. فإذا وصل إلى الأرض، تقول له الأرض: مرحبا بالروح الطيب الذي أخرج من البدن الطيب، أبشر فإن لك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ويقول الله عز وجل: أنا خليفته في أهله، من أرضاهم فقد أرضاني، ومن أسخطهم فقد أسخطني. ويجعل الله روحه في حواصل طير خضر، تسرح في الجنة حيث يشاء.
تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب، معلقة بالعرش. ويعطى الرجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس، سلوك كل غرفة ما بين صنعاء والشام، يملأ نورها ما بين الخافقين، في كل غرفة سبعون بابا، على كل باب سبعون مصراعا من ذهب، على كل باب سبعون غرفة مسبلة (1)، في كل غرفة سبعون خيمة، في كل خيمة سبعون سريرا من ذهب، قوائمها الدر والزبرجد، مرمولة (2) بقضبان الزمرد، على كل سرير أربعون فراشا، غلظ كل فراش أربعون ذراعا، على كل فراش زوجة من الحور العين، عربا أترابا.
فقال: أخبرني يا أمير المؤمنين عن العروبة؟ فقال: هي الغنجة الرضية الشهية، لها سبعون ألف وصيف، وسبعون ألف وصيفة، صفر الحلي، بيض الوجوه، عليهن تيجان اللؤلؤ، على رقابهم المناديل، بأيديهم الأكوبة والأباريق. فإذا كان يوم القيامة، فوالذي نفسي بيده، لو كان الأنبياء على طريقهم لترجلوا لهم، لما يرون من بهائهم، حتى يأتوا إلى موائد من الجواهر، فيقعدون عليها، ويشفع الرجل منهم في سبعين ألفا من أهل بيته وجيرانه، حتى أن الجارين يتخاصمان أيهما أقرب جوارا، فيقعدون معي، ومع إبراهيم على مائدة الخلد، فينظرون إلى الله، عز وجل، في كل يوم بكرة وعشيا.