أي: ثواب جزيل (الذين قال لهم الناس) في المعني بالناس الأول ثلاثة أقوال أحدها: إنهم الركب الذين دسهم أبو سفيان إلى المسلمين ليجبنوهم عند منصرفهم من أحد، لما أرادوا الرجوع إليهم، عن ابن عباس وابن إسحاق. وقد مضت قصتهم والثاني: إنه نعيم بن مسعود الأشجعي وهو قول أبي جعفر، وأبي عبد الله والثالث:
إنهم المنافقون، عن السدي.
(إن الناس قد جمعوا لكم) المعني به هو أبو سفيان وأصحابه عند أكثر المفسرين أي: جمعوا جموعا كثيرة لكم. وقيل: جمعوا الآلات والرجال. وإنما عبر بلفظ الواحد عن الجمع في قوله: (قال لهم الناس) لأمرين أحدهما: إنه قد جاءهم من جهة الناس فأقيم كلامه مقام كلامهم، وسمي باسمهم والآخر: إنه لتفخيم الشأن (فاخشوهم) أي: خافوهم. ثم بين تعالى أن ذلك القول زادهم إيمانا وثباتا على دينهم، وإقامة على نصرة نبيهم، بأن قال: (فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل). أي: كافينا الله، وولينا وحفيظنا، والمتولي لأمرنا، ونعم الوكيل أي: نعم الكافي والمعتمد، والملجأ الذي يوكل إليه الأمور.
(فانقلبوا) أي: فرجع النبي ومن معه من أصحابه (بنعمة من الله وفضل) أي: بعافية من السوء، وتجارة رابحة (لم يمسسهم سوء) أي: قتل، عن السدي ومجاهد. وقيل: النعمة ها هنا: الثبوت على الإيمان في طاعة الله، والفضل:
الربح في التجارة، عن الزجاج. وقيل: إن أقل ما يفعله الله فهو نعمة، وما زاد على ذلك فهو الموصوف بأنه فضل. والفرق بين النعمة والمنفعة أن النعمة لا تكون نعمة إلا إذا كانت حسنة. والمنفعة قد تكون حسنة، وقد تكون قبيحة، وهذا لأن النعمة يستحق بها الشكر، ولا يستحق الشكر بالقبيح.
(واتبعوا رضوان الله) بالخروج إلى لقاء العدو (والله ذو فضل عظيم) على المؤمنين. وقد تضمنت الآية التنبيه على أن كل من دهمه أمره، فينبغي أن يفزع إلى هذه الكلمة. وقد صحت الرواية عن الصادق " عليه السلام " أنه قال: عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله: (حسبنا الله ونعم الوكيل) فإني سمعت الله يقول بعقبها:
(فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء). وروي عن ابن عباس أنه قال:
آخر كلام إبراهيم " عليه السلام " حين ألقي في النار: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وقال نبيكم مثلها. وتلا هذه الآية.