جزى الله عنا جمرة بنت نوفل، * جزاء مغل بالأمانة كاذب بما سألت عني الوشاة ليكذبوا * علي، وقد أوليتها في النوائب ومن قرأ (يغل) فمعناه على وجهين أحدهما: ما كان لنبي أن يخون أي:
ينسب إلى الخيانة أي: يقال له غللت، كقولك: أسقيته أي: قلت له سقاك الله.
قال ذو الرمة:
وأسقيه حتى كاد مما أبثه * تكلمني أحجاره، وملاعبه (1) وقال الكميت:
وطائفة قد أكفرتني بحبكم، * وطائفة قالت: مسئ ومذنب أي نسبتني إلى الكفر. والآخر: ما كان لنبي أن يخان بمعنى يسرق منه، ويؤخذ من الغنيمة التي حازها. ويكون تخصيص النبي بذلك تعظيما للذنب. قال أبو علي الفسوي: الحجة لمن قرأ (أن يغل) أنما جاء في التنزيل من هذا النحو أسند الفعل فيه إلى الفاعل نحو (ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ). و (ما كان ليأخذ أخاه). و (ما كان لنفس أن تموت). و (ما كان الله ليضل قوما). و (ما كان الله ليطلعكم على الغيب) ولا يكاد يقال: ما كان لزيد أن يضرب. وما كان لزيد ليضرب. فيسند الفعل فيه إلى المفعول به، فكذلك قوله: (وما كان لنبي أن يغل) يسند الفعل فيه إلى الفاعل. ويروى عن ابن عباس أنه قرأ (يغل) فقيل له: إن عبد الله قرأ (يغل) فقال ابن عباس: بلى والله ويقتل. وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال: وقد كان النبي يقتل، فكيف لا يخون!؟
اللغة: أصل الغلول من الغلل، وهو دخول الماء في خلل الشجر، يقال:
انغل الماء في أصول الشجر. والغلول: الخيانة، لأنها تجري في الملك على خفاء من غير الوجه الذي يحل كالغلل. ومنة الغل: الحقد، لأنه يجري في النفس كالغلل. ومنه الغليل: حرارة العطش. والغلة كأنها تجري في الملك من جهات مختلفة. والغلالة: لأنها شعار تحت البدن.