فيها بإزاء النون في مسلمون، ولو سميت امرأة بمسلمون لم يحذف هذه النون، وتقول: أقبلت مسلمون، ورأيت مسلمين. ويجوز في عرفات حذف التنوين أيضا، تشبيها بالواحد إذا كان اسما لواحد، إلا أنه لا يكون إلا مكسورا، وإن أسقطت التنوين، ومثلها أذرعات في قول امرئ القيس:
تنورتها من أذرعات، وأهلها * بيثرب أدنى دارها نظر عال (1) أكثر الرواية بالتنوين، وقد أنشد بالكسر بغير تنوين، والأول اختيار النحويين لما ذكرنا من اجرائهم إياه مجرى المسلمون. وأما فتح التاء فخطأ. (وإن كنتم) إن هنا هي المخففة من الثقيلة بدلالة أن لام الابتداء معها. وإذا خففت لم تعمل إن.
(وكنتم من قبله لمن الضالين) لا موضع له من الإعراب، لأنه وقع بعد حرف غير عامل، وإنما هذه الواو عطفت جملة على جملة.
المعنى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) قيل: كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج، فرفع الله بهذه اللفظة الإثم عمن يتجر في الحج، عن ابن عباس ومجاهد والحسن وعطاء، وفي هذا تصريح بالإذن في التجارة، وهو المروي عن أئمتنا. وقيل: كان في الحج اجراء ومكارون، وكان الناس يقولون إنه لا حج لهم فبين سبحانه أنه لا إثم على الحاج في أن يكون أجيرا لغيره، أو مكاريا. وقيل:
معناه لا جناح عليكم أن تطلبوا المغفرة من ربكم، رواه جابر عن أبي جعفر " عليه السلام ".
(فإذا أفضتم من عرفات) أي: دفعتم عنها بعد الاجتماع فيها. (فاذكروا الله عند المشعر الحرام) وفي هذا دلالة على أن الوقوف بالمشعر الحرام فريضة، كما ذهبنا إليه، لأن ظاهر الأمر على الوجوب، فقد أوجب الله الذكر فيه. ولا يجوز أن يوجب الذكر فيه إلا وقد أوجب الكون فيه، ولأن كل من أوجب الذكر فيه، فقد أوجب الوقوف، وتقدير الكلام: فإذا أفضتم من عرفات، فكونوا بالمشعر الحرام.
واذكروا الله فيه (واذكروه كما هداكم) معناه: واذكروه بالثناء والشكر على حسب نعمته عليكم بالهداية، فإن الشكر يجب أن يكون على حسب النعمة في عظم المنزلة، كما يجب أن يكون على مقدارها لو صغرت النعمة، ولا يجوز التسوية بين من عظمت نعمته، وبين من صغرت نعمته، وتقدير الكلام: واذكروه ذكرا مثل