ملأتها ماء ثم شددت رأسها. وفلان كظيم ومكظوم: إذا كان ممتلئا حزنا، وكذلك إذا كان ممتلئا غضبا لم ينتقم. وكظم البعير: إذا لم يجتر. والكظامة: القناة التي تجري تحت الأرض، سميت بذلك لامتلائها تحت الأرض. وفي (غريب الحديث) لأبي عبيدة: (عن أوس بن أبي أوس، أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى كظامة قوم، فتوضأ ومسح على قدميه). ويقال: أخذ بكظمه أي: مجرى نفسه لأنه موضع الامتلاء بالنفس.
والفرق بين الغيظ والغضب أن الغضب ضد الرضا: وهو إرادة العقاب المستحق بالمعاصي ولعنه، وليس كذلك الغيظ: لأنه هيجان الطبع بتكره ما يكون من المعاصي، ولذلك يقال: غضب الله على الكفار، ولا يقال: اغتاظ منهم.
المعنى: لما حذر الله تعالى عن الأفعال الموجبة للعقاب، عقبه بالحث على الأفعال الموجبة للثواب، فقال: (وسارعوا) أي: بادروا (إلى مغفرة من ربكم) باجتناب معاصيه، ومعناه إلى الاعمال التي توجب المغفرة. واختلف في ذلك فقيل:
سارعوا إلى الاسلام، عن ابن عباس. وقيل: إلى أداء الفرائض عن علي بن أبي طالب عليه السلام. وقيل: إلى الهجرة، عن أبي العالية. وقيل: إلى التكبيرة الأولى، عن أنس بن مالك. وقيل: إلى أداء الطاعات، عن سعيد بن جبير. وقيل: إلى الصلوات الخمس، عن يمان. وقيل: إلى الجهاد، عن الضحاك. وقيل: إلى التوبة، عن عكرمة (وجنة) أي: والى جنة (عرضها السماوات والأرض).
واختلف في معناه على أقوال أحدها: ان المعنى عرضها كعرض السماوات السبع، والأرضين السبع، إذا ضم بعض ذلك إلى بعض، عن ابن عباس والحسن، واختاره الجبائي والبلخي. وإنما ذكر العرض بالعظم دون الطول، لأنه يدل على أن الطول أعظم من العرض، وليس كذلك لو ذكر الطول دون العرض. ومثل الآية قوله: (ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة) ومعناه: الا كخلق وبعث نفس واحدة، وقال الشاعر:
كأن عذيرهم بجنوب سلى، * نعام قاق في بلد قفار (1) أي: عذير نعام، وقال آخر: