فمتى يسأل: كيف لم يمدوا بالملائكة في سائر الحروب؟ فالجواب: ان ذلك تابع للمصلحة، فإذا علم الله في امدادهم المصلحة أمدهم. وقوله (مسومين) بالكسر أي: معلمين أعلموا أنفسهم. ومسومين بالفتح: سومهم الله أي: أعلمهم.
قال ابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم: كانوا أعلموا بالصوف في نواصي الخيل وأذنابها. وقال عروة: نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، وعليهم عمائم صفر.
وقال علي وابن عباس: كانت عليهم عمائم بيض، وأرسلوا أذنابها بين أكتافهم. قال السدي: معنى مسومين بالفتح: مرسلين من الناقة السائمة أي: المرسلة في المرعى.
(وما جعله الله الا بشرى لكم) أي: وما جعل الله الامداد والوعد به. فالهاء عائدة على غير مذكور باسمه، وهو معلوم بدلالته عليه، لان يمدد يدل على الامداد.
وبشرى لكم أي: بشارة لكم لتستبشروا به، (ولتطمئن قلوبكم به) أي: ولتسكن قلوبكم فلا تخافوا كثرة عدد العدو، وقلة عددكم. (وما النصر) أي: وما المعونة (الا من عند الله) ومعناه: ان الحاجة إلى الله تعالى لازمة في المعونة، وان أمدكم بالملائكة فلا استغناء لكم عن معونته طرفة عين، في تقوية قلوبكم، وخذلان عدوكم، بضعف قلوبهم إلى غير ذلك. وقيل: إن معناه وما هذا النصر بامداد الملائكة، الا من عند الله (العزيز) أي: القادر على انتقامه من الكفار بأيدي المؤمنين (الحكيم) في تدبيره للمؤمنين وللعالمين. وإنما قال ذلك ليعلمهم أن حربهم للمشركين إنما هو لاعزاز الدين. وقيل: العزيز المنيع باقتداره، والحكيم:
في تدبيره للخلق.
فصل وجيز في ذكر مغازي رسول الله (ص):
قال المفسرون: جميع ما غزا رسول الله بنفسه ستة وعشرون غزاة، وأول غزاة غزاها غزوة الأبواء، ثم غزوة بواط، ثم غزوة العشيرة، ثم غزوة بدر الأولى، ثم غزوة بدر الكبرى، ثم غزوة بني سليم، ثم غزوة السويق، ثم غزوة ذي أمر، ثم غزوة أحد (1)، ثم غزوة الأسد، ثم غزوة بني النضير، ثم غزوة ذات الرقاع، ثم غزوة بدر الأخيرة، ثم غزوة دومة الجندل (2)، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني