لا ربا إلا في النسيئة. وأما أهل الجاهلية فإنهم. كانوا يربون بتأخير الذين عن محله إلى محل آخر بزيادة فيه. ولا خلاف في تحريمه. ومما جاء في الحديث في الربا ما روي عن علي " عليه السلام " أنه قال: لعن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " في الربا خمسة: آكله وموكله وشاهديه وكاتبه. وعنه " عليه السلام " قال: إذا أراد الله بقرية هلاكا، ظهر فيهم الربا، وعنه " عليه السلام " قال: الربا سبعون بابا، أهونها عند الله كالذي ينكح أمه. وروى جميل بن دراج عن أبي عبد الله قال: درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية، كلها بذات محرم، في بيت الله الحرام.
(يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم [276]).
اللغة: المحق: نقصان الشئ حالا بعد حال، يقال: محقه الله يمحقه محقا فانمحق وامتحق: أي هلك وتلف بذهابه حالا بعد حال. والمحاق: آخر الشهر لانمحاق الهلال فيه. والأثيم: المتمادي في الإثم. والآثم: الفاعل للإثم.
المعنى: ثم أكد سبحانه ما تقدم بقول (يمحق الله) أي: ينقص الله (الربا) حالا بعد حال إلى أن يتلف المال كله. وقال ابن عباس: معناه يهلكه ويذهب ببركته. وقيل للصادق " عليه السلام ": وقد يرى الرجل يربي فيكثر ماله؟ فقال: يمحق الله دينه وإن كثر ماله. وقال أبو القاسم البلخي: يمحقه الله في الدنيا بسقوط عدالته، والحكم بفسقه، والتسمية بالفسق.
(ويربي الصدقات) أي: وينمي الصدقات ويزيدها بأن يثمر المال في نفسه في العاجل، وبالأجر عليه والثواب في الآجل، وذلك بحسب الانتفاع بها، وحسن النية فيها. وقد روي عن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أنه قال: (إن الله تعالى يقبل الصدقات، ولا يقبل منها إلا الطيب، ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد ".
والنكتة في الآية أن المربي إنما يطلب بالربى زيادة المال، ومانع الصدقة إنما يمنعها لطلب زيادة المال، فبين الله سبحانه أن الربا سبب النقصان دون النماء، وأن الصدقة سبب النماء دون النقصان. (والله لا يحب كل كفار أثيم) الكفار: فعال من الكفر، وهو المقيم عليه، المستمسك به، المعتاد له. ومعناه: والله يبغض كل كفار لنعمته باستحلال الربا، منهمك في غوايته، متماد في إثمه بأكله. وإنما لم يقل كل كافر، لأنه إذا استحل الربا صار كافرا، لأنه إذا كثر أكله للربا مع الاستحلال، فقد