ربا فيه، وحرم البيع الذي فيه الربا، والفرق بينهما أن الزيادة في أحدهما لتأخير الدين، وفي الآخر لأجل البيع. وأيضا فإن البيع بدل البدل، لأن الثمن فيه بدل المثمن، والربا: زيادة من غير بدل للتأخير في الأجل، أو زيادة في الجنس.
والمنصوص عن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " تحريم التفاضل في ستة أشياء: الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والملح. وقيل: الزبيب. قال " عليه السلام ": إلا مثلا بمثل، يدا بيد، من زاد واستزاد فقد أربى. لا خلاف في حصول الربا في هذه الأشياء الستة، وفي غيرها خلاف بين الفقهاء، وهو مقيس عليها عندهم. وعندنا: إن الربا لا يكون إلا فيما يكال أو يوزن، وأما علة تحريم الربا فقد قيل: هي أن فيه تعطيل المعايش والأجلاب والمتاجر، إذا وجد المربى من يعطيه دراهم، وفضلا بدراهم. وقال الصادق " عليه السلام ": إنما شدد في تحريم الربا، لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف، قرضا أو رفدا.
(فمن جاءه موعظة من ربه) معناه: فمن جاءه زجر ونهي وتذكير من ربه (فانتهى) أي: فانزجر وتذكر واعتبر (فله ما سلف) معناه: فله ما أخذ وأكل من الربا قبل النهي لا يلزمه رده. قال الباقر " عليه السلام ": من أدرك الاسلام، وتاب مما كان عمله في الجاهلية، وضع الله عنه ما سلف. وقال السدي: معناه له ما أكل، وليس عليه رد ما سلف. فأما ما لم يقبض بعد، فلا يجوز له أخذه، وله رأس المال.
وقوله: (جاءه موعظة)، وقال في موضع آخر: (قد جاءتكم موعظة) لأن تأنيثه غير حقيقي، فإن الموعظة والوعظ بمعنى واحد.
(وأمره إلى الله) معناه: وأمره بعد مجئ الموعظة والتحريم والانتهاء إلى الله، إن شاء عصمه عن أكله، وثبته في انتهائه عنه، وإن شاء خذله. وقيل: معناه وأمره في حكم الآخرة إلى الله تعالى، إن لم يتب، وهو غير مستحل له، إن شاء عذبه بعدله، وإن شاء عفا عنه بفضله. وقيل: معناه أمره إلى الله، فلا يؤاخذه بما سلف من الربا.
(ومن عاد) إلى أكل الربا بعد التحريم وقال ما كان يقوله قبل مجئ الموعظة، من أن البيع مثل الربا (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) لأن ذلك القول لا يصدر إلا من كافر مستحل للربا، فلهذا توعد بعذاب الأبد.
ولا خلاف بين الفقهاء أن الربا محرم في النقد والنسيئة. وقال بعض من تقدم: