التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٥٤
والحقد والحسد فلا يتفاوت فيه الخلا والملأ إلا إذا انضم الرياء أيضا فيقوي في الملأ ويضعف في الخلا فصارت أسباب التكبر أي الآثار المذكورة أربعة الكبر المسبب عن العجب والحقد والحسد والريا وسبب الحقيقي منها هو الأول لا غير وعلاجه قلع العجب عن النفس فإن الأمراض لا تعالج إلا بقلع أسبابها كما مر مرارا وذلك متوقف على معرفة السبب والإحاطة بحقيقته ليكون المعالج على بصيرة من أمره فالعجب هو استعظام النفس وذلك باستعظام خصالها الكمالية الخاصة التي هي من النعم الإلهية مع الركون إليها والفرح بها من حيث إنها خصال مضافة إليه نفسه ونسيان الإضافة إليه (تع) وإلا من الزوال والتكدر لا باعتقاد أنها لا تزول ولا تتكدر فإن ذلك يستحيل من العاقل بل بالغفلة عنهما ولو عطف الزوال على الإضافة بحذف المصدر والجار ليندرج تحت المضاف لكان أخصر وأجود فمن رأى النعمة منه تعالى وفرح بها من حيث إنها كرامة منه عز وجل له وخاف عليها من الزوال والتكدر لا يكون معجبا وإن استعظم الخصلة بل اللائق استعظام النعم فإنه أدعى إلى الشكر وهو غير الادلال فهو عجب بالعمل مع رؤية حق النفس عنده (تع) وأنه منه بمكان يقال أدل عليه إذا وثق بمحبته فأفرط عليه وذلك كمن أعطى غيره شيئا ويستعظمه ويمن عليه فيكون معجبا فإن استخدمه أو اقترح عليه الاقتراحات واستبعد تخلفه عن قضاء حقوقه كان مدلا عليه فهو فوق العجب وأفحش منه فورد عن أبي عبد الله (ع) أنه أتى عالم عابدا فقال له كيف صلاتك فقال مثلي يسأل عن صلاته وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا قال كيف بكاؤك قال أبكي حتى تجري دموعي فقال العالم إن ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل إن المدل لا يصعد من عمله شئ وبمضمونه غيره ويعرف المدل بالتعجب عن رد دعائه لأنه يتوقع إجابته وعن استقامة حال مؤذيه لأنه يتوقع اختلالها بسبب ما يراه في نفسه من الحق عليه (تع) ولا يتعجب من رد دعاء الفساق ولا استقامة أحوال أعدائهم لأنه لا يرى لهم من الحق ما يرى لنفسه والعجب غير الكبر أيضا لكونه أثره المسبب عنه كما تقدم واستدعائه المتكبر عليه فإنه لا يتصور أن يكون متكبرا إلا أن يكون معه غيره وهو يرى نفسه فوق ذلك الغير في صفات الكمال فعند ذلك يكون متكبرا بخلاف العجب فإنه لا يستدعي غير المعجب بل لو لم يخلق الانسان إلا وحده لتصور أن يكون معجبا هذا ما قرره الإمام أبو حامد في الاحياء وتبعه عليه المصنف وغيره وفيه أن ما هو بصدد اثباته من تغاير الكبر والعجب مسلم فإن الكبر من مقولة الإضافة والعجب من مقولة الكيف أو الفعل لكن ما ذكره في البيان من تحقق العجب بالمعجب نفسه من دون توقف على شئ آخر ممنوع لا ما ذكر في رسمه من استعظام النفس لا يكاد يتحقق إلا بالنسبة إلى الغير فإن الغني المعجب بماله إنما يستعظم نفسه بالقياس إلى الفقير الذي لا مال له ومن ثم نراه إذا جالس من هو أغنى منه استصغر نفسه واستحقر نعمته وكذا المستعظم لعلمه أو عمله أو غيرهما مما يعجب به يستصغر نفسه في مشهد من هو أكمل منه في تلك الخصلة المستعظمة وإنما يستعظمها بالنسبة إلى العاري عنها أو الناقص فيه ولأجل ذلك أدرجنا في الرسم قيد الاختصاص في الخصال فتأمل وآفاته الهلاك فإنه من الثلاث المهلكات كما تقدم في الحديث النبوي وهي الكلمة الجامعة والبواقي تفصيل لها وبيان لأسبابه وهي نسيان الذنوب لقلة اكتراثه بها واستحقار ما ربما يتذكره منها أحيانا وقد علمت ما فيه من التشديد ويدعو ذلك إلى ترك التدارك بالتوبة وغيرهما مما ذكر والمعجب بالعبادات ليحجبه بها يعمي عن عيوبها فيترك تفقد آفات العمل من الشوب والتضييع والاستخفاف والاستثقال والرياء والسمعة والمن والأذى بعد الصدقة وغيرها ليحترز عنها كل ذلك على زعم أنه مغفور اعتمادا منه على عظيم خصلته بزعمه وينجر الاغترار به إلى الأمن من مكره تعالى وهو من الكباير كما تقدم والمعجب بعلمه يلزمه الاستنكاف من التعلم والاتعاظ والحرمان عن فوائدهما اكتفاء بما عنده ومن آفات العجب أيضا تزكية النفس والثناء عليها وقد نهى الله عن ذلك بقوله ولا تزكوا أنفسكم وسببه أحد أمرين أما خبث الطبع وضيق الحوصلة عن النعمة وهو من الأدواء الجبلية الممتنعة البرء وإنما يعلل بالمجاهدة والرياضة ليفل حده وتقل غائلته كما سبق نظيره وأما الجهل بالحقايق ويندرج فيه اعتقاد كمال النفس فإنه جهل مركب وإنما أفرد اهتماما فيراد بالأول البسيط وهذا مما يرجى برؤه وعلاجه بالعلم والعمل والأول قلع السبب ويتحقق ذلك بمعرفة أحوال النفس المعتقد كمالها ومعرفة حقيقة الكمال ومعرفة حقايق الخصال التي تستعظم وتظن كمالا وتنحصر مجامعها بالاستقراء في العلم والعمل والشرف والجمال والمال والقوة والعشيرة وتتحصل هذه المعارف بوجهين أحدهما بالنظر في حقارة النفس ومهانتها اللازمة الدائمة فإنه قد أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ولا شئ أخس من العدم المطلق والليس الصرف ثم وجد بوجود ناقص ضعيف معار في مدة قليلة وأحوال خسيسة فأولها النطفة المذرة وآخرها الجيفة القذرة وما بينهما حمالة العذرة كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) وهذه عوارض النفس بحسب البدن الملابس لها وقد وكل به الأقذار في جميع أجزائه الرجيع في أمعائه والبول في مثانته والمخاط في أنفه والبصاق في فيه والوسخ في أذنه والدم في عروقه والصديد تحت بشرته والصنان تحت إبطه يغسل الغايط كل يوم مرة أو مرتين بيده ويتردد إلى الخلاء ليخرج من بطنه ما لو رآه بعينه لاستقذره فضلا أن يمسه أو يشمه ولو ترك نفسه يوما لم يتعهده بالتنظيف والغسل لثارت منه الأنتان والأقذار والنظر في أحوالها الهاجمة الواردة فجأة أو بغير اختيار من هجم عليه هجوما إذا انتهى إليه بغتة أو دخل عليه بغير إذن كالمحن والشدايد التي لا تطيق دفع أهونها من السقم والألم والهرم والفقر وموت الأحباب وتسلط الأعداء وتعسر الأمور وغير ذلك مما يدل على ضعف الانسان وعجزه وأنه مربوب ذليل
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360