ذلك للعاهة والفساد وليكون أطيب لأنفس الأحياء ولئلا يبغضه حميمه فيلغى ذكره ومودته فلا يحفظه فيما خلف وأوصاه به الحديث يجب أن يكفن الميت في ثلاثة أثواب يلف بها كما عليه الأكثر والاكتفاء باللفافة الواحدة اختيارا غير واضح المستند والأحوط أن يكون كل واحدة منها شاملة للجسد من القرن إلى القدم وإن احتمل الاكتفاء بهذا الوصف في المجموع بالنظر إلى الروايات أو قميص غير مزرور ولا مكفوف وذكروا أن حده نصف الساق وأفضله إلى القدم ولفافتين شاملتين فوقه أو إزار وهو في الأصل الملحفة وخص في العرف بما يستر ما بين السرة والركبة والأحب أن يكون بحيث يغطي الصدر والرجلين كما في موثقة عمار وقميص فوقه ولفافة شاملة فوقهما ويتخير الولي بين هذه الشقوق الثلاثة إلا أن يكون الميت قد عين أحدها فيتعين وبعضهم أوجب القميص وفي رواية سهل ومرسلة الصدوق أيكفن في ثلاثة أثواب بغير قميص قال لا بأس بذلك والقميص أحب إلي وأما المئزر فلم أقف له على ذكر في الأخبار لكن الظاهر أن مراد من ذكره منه ما ذكرناه في معنى الإزار ومراده بالإزار معه الملحفة وهي اللفافة فيتوافق مع الشق الأخير ويندفع الطعن عن عظماء الأصحاب رضوان الله عليهم وأما الحبرة العبرية بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة وهو ثوب يمني من التحبير وهو التحسين والتزيين منسوبة إلى العبر وهو بسكون العين جانب الوادي فهي من ما استفاضت الأخبار بذكره وأن رسول الله صلى الله عليه وآله كفن بها ففي صحيحة أبي مريم الأنصاري كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب برد أحمر حبرة وثوبين أبيضين صحاريين وفي موثقة زرارة ثوبين صحاريين وثوب يمنية عبري وفي رواية زيد الشحام عن أبي عبد الله (ع) بم كفن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وحبرة ومثلها رواية سلام بن سعيد وروى الحلبي في الحسن وغيره عنه (ع) أن أبي كتب في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة وثوب آخر وقميص فقلت لأبي لم تكتب هذا فقال أخاف أن يغلبك الناس فإن قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل وهي متوافقة في الدلالة على أن الحبرة إنما هي إحدى الأثواب الثلاثة وحبرتيها مستحبة لا أنه ثوب رابع كما اشتهر بين المتأخرين مع ما اشتملت عليه الحسنة من النهي عن الزيادة والايذان بأن ما يدل عليها محمول على التقية وأما ما ورد في الصحيح عنه (ع) البرد لا يلف و لكن يطرح عليه طرحا وإذا أدخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبه فالظاهر أن هذا البرد ليس من الكفن لما في تتمة الحسنة إنما يعد من الكفن ما يلف به الجسد فالمعنى أنه لا يعتبر لفه ليكون من قطعات الكفن المفروض بل تتأدى وظيفته بكونه مع الميت ولو بالطرح عليه كما قاله الصدوق وحيث يشرع البرد فالظاهر انحصار الوظيفة فيه وما شرعه بعضهم من استحباب ثوب ملون بدله من الثياب الابريسمية حيث لا يوجد البرد في هذه الأعصار فهو أعلم بمأخذه مع أن في موثقة عمار عنه (ع) الكفن يكون بردا فإن لم يكن بردا فاجعله كله قطنا وبالجملة استحباب البرد وهو الحبرة في الجملة كأنه مما لا خلاف فيه كأصل العمامة للرجل وتحنيكها والمشهور في كيفيتهما ما في رواية يونس يؤخذ وسط العمامة ويثني على رأسه بالتدوير ثم يلقي فضل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ويمد على صدره وفي رواية وعمامة يعتم بها ويلقي فضلها على وجهه وفي أخرى خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفها على ظهره وفي بعض النسخ على صدره وفي صحيحة عبد الله بن سنان وعمامة يعصب بها رأسه ويرد فضلها على رجليه وكذا الخرقة للفخذين يشد بها وركيه لكيلا يبدو منه شئ كذا في رواية عبد الله بن سنان قال والخرقة والعمامة لا بد منهما وليستا من الكفن يعني المفروض وتزاد للمرأة لفافة لثدييها تضم الثدي إلى الصدر وتشد إلى ظهرها وخمار بدل العمامة وجوبا فيهما لظاهر مرسلة يونس وغيرها وإن كان المشهور الاستحباب وأما زيادة النمط لها فلا يعرف مستنده ويحرم التكفين بالحرير المحض اجماعا ولو من كسوة البيت للرجل والمرأة وإن احتمل بعضهم إباحته لها ويكره الكتان فورد لا يكفن الميت في الكتان وظاهر الصدوق التحريم ويستحب القطن بالاجماع وورد الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن لأمة محمد صلى الله عليه وآله ومن الألوان الأبيض ففي النبوي بعدة طرق ألبسوا البياض فإنه أطيب وأطهر وكفنوا فيه موتاكم إلا الحبرة فأحمر كما تقدم في الصحيحة وأن ينثر الذريرة عليها جميعا وهي الطيب المسحوق وقيل طيب خاص معروف بهذا الاسم في بغداد وما والاها ويكتب في حاشيته بغير سواد يشهد أن لا إله إلا الله كفعل أبي عبد الله (ع) وهو الأصل في المسألة رواه أبو كهمس قال حضرت موت إسماعيل وأبو عبد الله جالس إلى أن قال فلما فرغ من أمره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله وفي توقيع الحميري في كتاب الاحتجاج جواز كتابة ذلك بطين القبر وأما الكتابة في جميع القطعات واشتراط كونها مؤثرة أو أجزائها بالإصبع وزيادة سائر العقايد فلا يعلم شئ منها من الأخبار نعم استثناء السواد لا بأس به ويوضع معه جريدتان خضراوان من سعف النخل بتحريك العين وهو غصنه مطلقا أو ما دام عليه الخوص فإذا جرد عنه فهو جريد والواحد جريدة والمراد بالخضرة الرطوبة وورد أنه لا يجوز اليابس وأن آدم لما هبط إلى الأرض استوحش فسأل الله أن يؤنسه بشئ من أشجار الجنة فأنزل الله النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده إني كنت آنس بها في حيوتي وأني لأرجو الأنس بها وفاتي فإذا مت فخذوا منها جريدا وشقوه نصفين وضعوهما معي في أكفاني ففعل ولده ذلك وفعلته الأنبياء بعده ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه النبي صلى الله عليه وآله وفعله وصار سنة متبعة فإن لم يوجد النخل فمن عود السدر إن وجد وإلا فمن عود الخلاف كما في مرسلة سهل وفي رواية يجعل بدلها عود الرمان وإلا فمن شجر آخر رطب كما في رواية علي بن بلال وهو مما ينفع الميت جدا فورد في الصحيح والحسن عن
(٣٥٢)