التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٦
وذلك لا ينظفه أصلا ما لم يغير صفته باستعمال ما يضاد الوصف المتمكن فيه فهذا حال امتناع أصل التوبة في حق من ورد فيهم من المجرمين أنهم لا تقبل توبتهم بسبب أن شروطها لا يجتمع فيهم وهي بحسب المذكور هنا ثلاثة الاخلاص وهو الأصل في العبادات كلها وتوطين النفس على الندم على ما فرط في جنب الله والعزم على عدم العود أبدا وعن الأول عبر بقوله أن تكون لله أي ناصحة له سبحانه باعثا عليها أمره مطلوبا منها وجهه لا لمال أو جاه يكتسبهما أو يستديمهما بها أو خوف من معاقبة سلطان عادل أو جاير يعاقبانه على الجريمة حتى الخوف من النار كما صرح به المحقق الطوسي وهو اللازم على كل من أبطل العبادة بذلك القصد وإن كان فيه كلام يأتي في محله ومثله الخوف من حرمان نعيم الجنة أو عدم أسباب وآلات كتوبة المحبوب عن الزنا والأطرش عن استماع الغناء ومنه التوبة عند المعاينة كما تقدم ويأتي لفقد الحياة التي هي أصلها وفيه كلام وعن الثاني بقوله أن يتندم وذلك بعدل النفس الأمارة بالسوء ولعن الشيطان الداعي إليه وهجر النديم المحرك له والمعاون فيه والمهون لأمره ومنادمة الصالحين إلى غير ذلك من شعار النادمين أما نفس الندم فغير مقدور لأنه أمر طبيعي لا يدخل تحت الإرادة و الاختيار فلا يتعلق به التكليف والوجه أن العلم بضرر الذنوب وأنها الحائلة عن المحبوب يستعقب للعالم به توجع القلب وتألم الروح بما ارتكب منها كما في كلام أمير المؤمنين (ع) لا وجع أوجع للقلوب من الذنوب على أحد الوجهين والندم ليس إلا هذا التوجع والتألم فيسوغ سوقه مساق متعلقات القدرة لتعلق الإرادة والاختيار بمبدئه وهو العلم المذكور الذي هو من أجزاء الايمان كما عرفت وهو ليس من العلوم المقصود لذاتها بل إنما تقصد لهذا الحال وهو التوبة حقيقة كما في الحديث النبوي الندم توبة وعن أبي جعفر (ع) كفى بالندم توبة وفي دعاء سيد الساجدين (ع) اللهم إن كان الندم توبة فأنا أندم النادمين ولقد أجاد من رسم التوبة بأنه الندم على القبيح لقبحه ثم إذا غلب هذا الألم حصلت حالة ثالثة هي القصد إلى أمور ثلاثة لها تعلق بالحال والماضي والاستقبال فالأول أن يترك ما هو مقيم عليه من الذنوب وعن أمير المؤمنين (ع) إن الندم على الشر يدعو إلى تركه والثاني أن يتدارك ما يمكن تداركه بما يأتي والثالث أن يعزم على عدم العود إليها إلى آخر العمر فهذه الأمور الثلاثة أعني العلم والندم والقصد المذكور مترتبة في الحصول أولها مقدمة وآخرها ثمرة وترتب هذه الأمور غير مختص بالتوبة بل انتظام الصبر والشكر والتوكل وغير ذلك من المقامات الدينية إنما هو من هذه الأمور الثلاثة أعني العلم والحال والعمل كما يأتي فيما بعد وبما ذكرناه ظهر أن الشروط المذكورة ليست شرعية ولا عقلية إن تم الفرق بينهما وأنها لا توقت وحقها أن يعترف التائب بذنبه فورد في الحديث النبوي الاعتراف بالذنب كفارة له وعن أبي جعفر (ع) والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به وعنه (ع) والله ما أراد الله من الناس إلا خصلتين أن يقروا له بالنعم فيزيدهم وبالذنوب فيغفرها لهم وعن أبي عبد الله والله ما خرج عبد من ذنب باصرار وما خرج عبد من ذنب إلا باقرار ويتدارك الفرايض المضيعة بما يأتي بيانه ويرد المظالم وهي حقوق الآدميين إلى أصحابها أو ورثتهم ويذيب اللحم النابت في بدنه من الحرام بالحزن على ما مضى ويذيق النفس مرارة المعصية بالاستمرار على الطاعة كما أذاقها حلاوة الطاعة بارتكاب المعصية فعن أمير المؤمنين (ع) أن التوبة يجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الإعادة ورد المظالم واستحلال الخصوم وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذاقها حلاوة المعاصي وعنه (ع) أن قائلا قال بحضرته أستغفر الله فقال (ع) ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار إن الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان أولها الندم على ما مضى الثاني العزم على ترك العود إليه أبدا الثالث أن يؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانه أملس ليس عليك تبعة الرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها الخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد السادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك استغفر الله قال أبو حامد كما لا يكفي في جلاء المرآة قطع الأنفاس والأبخرة المسودة عنها بل لا بد من تصقيلها وإزالة ما حصل في جرمها من السواد كذلك لا يكفي في جلاء القلب من ظلمات المعاصي وكدوراتها مجرد تركها وعدم العود إليها بل يجب محو آثار تلك الظلمات بأنوار الطاعات ويغسل ثيابه التي أذنب فيها سيما ما باشر بها النجاجات أو يبدلها فيكون قد جمع بين التراهتين لارتباط الملك بالملكوت كما تقدم ويغتسل سواء كانت توبته عن الكفر أو غيره من الكباير على المشهور وربما يلحق بهما الصغاير أيضا والمستند ما رواه المحمدون الثلاثة عن أبي عبد الله (ع) أنه جاء إليه رجل وقال إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال (ع) لا تفعل فقال والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني فقال الصادق (ع) تالله أنت أما سمعت الله يقول إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فقال الرجل كأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عز وجل من عربي ولا عجمي لا جرم إني قد تركتها فإني أستغفر الله (تع) فقال له الصادق (ع) قم فاغتسل وصل ما بدا لك فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوء حالك لو مت على ذلك استغفر الله واسأله التوبة عن كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا وأنت خبير بقصوره عن هذه التعميمات فإن أمر مستمع الغناء وصوت العود والأجنبية مع الاصرار والاستحقار بالغسل لا دلالة فيه على حكم غيره بوجه وربما يستدل للأول بما نقل من أمره صلى الله عليه وآله قيس بن عاصم وثمامة بن أثال بالغسل عند الاسلام وهو إنما يتم لو ثبت كونها للتوبة دون غيرها مما يقل الانفكاك عنه كالجنابة فالمعتمد الشهرة لأنه مما يتسامح فيه ويصلي ما أراد وقد عرفت المستند وما فيه مع فقد الشهرة هنا لكن الصلاة خير موضوع وليكن ذلك في موضع خال فإنه أقرب إلى الستر وأحرى بحضور القلب وأسلم من الرياء وغيره من الآفات والأخبار في فضل عبادة السر ودعائه مستفيضة وفي الأوقات التي تفتح أبواب السماء ويرجى القبول وهي عند هبوب الرياح ونزول المطر والزوال وأول قطرة من دم القتيل المؤمن والسحر إلى طلوع الشمس إلى
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360