التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٣
بها النفوس ولا تدرك معانيها العقول القاصرة كرمي الجمار والتردد بين الصفا والمروة على سبيل التكرار فإنها مما اختص بها الحج دون سائر العبادات كالزكاة التي هي انفاق مقدر على وجه معلوم ينتفع به الفقراء والصوم الذي هو كسر للشهوة ورياضة وتصفية للنفس والصلاة التي هي تواضع وتعظيم وذكر لله سبحانه على هيئة الخضوع والخشوع فإنها كلها معان معقولة لكل من له أدنى غور وبصيرة في الأمور بخلاف وظائف الحج ومن ثم كثر هذر الملاحدة فيه دونها ولعل هذا هو الوجه في اختصاصه بكبر استخفافه وأيضا كل ما أدرك العقل وجه الحكمة في فعله مال الطبع إليه ميلا ما بقدر ما أدرك من وجه حكمته فيكون ذلك الميل معينا في الأمر وباعثا على الفعل فلا يكاد يظهر به كمال الرق والانقياد وإذا اقتضت حكمة الله سبحانه ربط نجاة الخلق بكون أعمالهم على خلاف أهوية طباعهم وأن تكون أزمتها بيد الشارع فيترددون في أعمالهم على سنن الانقياد ومقتضى الاستعباد كان ما لا يهتدي إلى معانيه أبلغ أنواع التعبدات في تزكية النفوس وصرفها عن مقتضى الطبع إلى مقتضى الاسترقاق ولأجل ذلك قال صلى الله عليه وآله في الحج على الخصوص لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا ولم يقل ذلك في الصلاة وغيرها فمن ثم كان الاستخفاف به بأي معنى أخذ أكبر من الاستخفاف بغيره والاشتغال بالملاهي يشمل اللعب بها واستماعها وتعليمها وتعلمها وعمل آلاتها وبيعها وشرائها ونحو ذلك والاصرار من الصر وهو الشد والربط قال المفسرون في قوله (تع) ولم يصروا على ما فعلوا أنه الإقامة على الذنب من دون استغفار كان المذنب ارتبط بالإقامة عليه وقيل هو الاكثار من الذنوب سواء كان من نوع واحد منها أو أنواع مختلفة وقيل هو المداومة على نوع واحد منها وقيل هو أن تتكرر الصغيرة بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكباير وفي حديث جابر عن أبي عبد الله (ع) هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الاصرار وهو ظاهر المقابلة في حديث هشام عن أبي الحسن (ع) والتوبة والاصرار وفي حديث سماعة عن أبي عبد الله (ع) والتوبة وضدها الاصرار وفي النبوي المتفق عليه لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ويمكن تطبيق كلام المفسرين عليه إلا أن ما ذكروه من التعليل والتمثيل من أنه إنما كبر لأنه سبب تراكم الظلمة على القلب كالأنفاس المتعاقبة على وجه المرآة ولو مر عليه ذلك المقدار من النسيم دفعة مجتمعة لما أثر فيه ذلك التأثير أو قطرات الماء المتقاطرة على الحجر فإنها تؤثر فيه بخلاف ما لو جمعت وصبت صبة واحدة لإملائه فإنه يقتضي كونه أمرا وجوديا ومقتضى الروايات أنه عدمي إلا أن يقال إن الواجب المبادرة إلى التوبة في كل آن فيحصل في تركها في الآنات المتعاقبة ذنوب كثيرة تنضاف إلى الأول ويتحقق المحذور وبما ذكرناه ظهر أن تقسيمه إلى الفعلي والحكمي ثم المناقشة في تعريف كل منهما مما لا وجه له وكذا الخلاف في أن الكبيرة هل هي نفس الاصرار على الصغيرة كما هو ظاهر حديث الكتاب أو هي الصغيرة المصر عليها كما هو ظاهر الحديث النبوي ولا يعرف لهذا الخلاف ثمرة بعد الاتفاق على تحقق كبيرة بالاصرار ومثله القول في الاستحقار للذنب كأن يقول باللسان أو بالقلب وإن كان الأول أفحش طوبى لي لو لم يكن غير ذلك فورد عن أبي عبد الله (ع) أنه لا يغفر روى ذلك زيد الشحام في الموثق عنه (ع) قال اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر قلت وما المحقرات قال الرجل يذنب الذنب فيقول طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك وهو مما يؤدي إلى الاصرار مطلقا وكذا نسيان حلمه (تع) عنه في تأخير العقوبة وستره عليه بالصون عن الفضيحة حسبانا منه أن ذلك عناية من الله به وكرامة له فإنه سبب الأمن من مكره عز وجل باستدراجه من حيث لا يعلم واملائه له ليزداد إثما وكذا الاظهار بالاتيان به بمشهد الغير ابتداء أو التحدث به بعد ذلك فإنه يؤدي إلى ذنوب آخر كهتك الستر وهو مضادة له (تع) لأنه كريم يظهر الجميل ويستر القبيح وترغيب الغير سيما إذا كان متبوعا فيكون قد سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها وورد في الحديث النبوي المذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له وهذه الكباير كلها راجعة عند التأمل إلى ما يتعلق بالضروريات الخمس التي هي مصلحة الأديان والعقول والنفوس والأموال والأنساب و أما الصغاير فهي ما عدا الكباير المعدودة وهي كثيرة ولنذكر جملة من المنصوصات مما يكثر وقوعها وربما يرجع بعضها إلى الكباير ويعد منها فمنها تحليل الحرام وتحريم الحلال والقياس في الدين والافتاء في المسائل الشرعية بغير حجة شرعية ومتابعة البدع والاستهانة بحرمات الله كالقرآن وقبور الأنبياء والأئمة (ع) وقلة الاعتناء بآثارهم وأخبارهم ومنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه والسعي في خرابها وكتمان الحق والرشا في الكتمان والوقوف في بلد الكفر مع التمكن من الخروج منه ومشاقة الرسول ومتابعة غير سبيل المؤمنين وتحريف الكلم عن مواضعه وقطع الطريق ومنع الماء المنتاب والغصب واللبث في المساجد جنبا أو حايضا ولبس الذهب للرجال وكذا الحرير إلا ما استثنى واستعمال أواني الذهب والفضة وتصوير ذوات الأرواح والبناء رياء وسمعة وقذف غير المحصنة وهجاء المؤمنين والغيبة والنميمة و الشكوى في المصائب والنياحة بالباطل واللعن والسب لغير مستحقهما وتكلم المرأة عند الأجانب لغير ضرورة وتحدثها بما تخلو به مع زوجها والاستماع إلى ذلك كله وتزين المرأة لغير زوجها وخروجها من بيته بغير إذنه ومباشرتها لأخرى ليس بينهما ثوب والقيادة والمساحقة والنظر إلى عورة المسلم والاطلاع على بيت الجار والاستماع إلى حديث قوم وهم كارهون و الحضور في محاضر المعصية والصفق والرقص والصفير وعلى مائدة يشرب عليها الخمر وإن لم يشرب
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360