التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٥
حقيقة وأن على كل صواب نورا وهي غير عزيزة في روايات أئمتنا صلى الله عليه وآله يعرف ذلك من له أنس بكلامهم والباذل جهده في تتبع الأخبار والإحاطة بها يستشهد ببعضها على بعض ويسهل عليه الأمر جدا ولتتبع أقاويل العامة ومعرفة ما حكامهم وقضاتهم إليه أميل في كل عصر من أعصار الأئمة (ع) مدخل عظيم في ذلك فإن أكثر اختلاف رواياتنا إنما جاء من تلك الجهة كما صرح به الشهيدان وغيرهما و الحمل على التقية أظهر الوجوه التي ترتفع بها المنافاة غالبا بل كثيرا ما يقترن الخبر بما ينادي بالتقية في مضمونه كما لا يخفى على الممارس وأورد هنا أن مذهب الإمامية في حل الأحكام موافق لمذهب من المذاهب الأربعة ولا سيما مذهب الشافعي وكلهم مصونه فيمكن الفتوى في أكثر الأحكام بالحق من غير تقية غايته أن تكون الفتوى خطأ بزعم أكثرهم وإن كانت صوابا عند بعضهم مع اتفاق كلهم على نفي التخطئة وعدم التفسيق وفيه أنه اجتهاد في مقابلة النصوص المستفيضة التي تقدم شطر منها بل ورد الأمر بمخالفتهم في غير صورة التعارض أيضا روى الشيخ في التهذيب والصدوق في عيون الأخبار وعلل الشرايع عن علي بن أسباط قال قلت له يعني الرضا (ع) يحدث الأمر من أمري لا أجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحد استفتيه من مواليك فقال (ع) ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه وفي العلل عن أبي عبد الله (ع) قال أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة فقلت لا أدري فقال إن عليا لم يكن يدين الله بدين إلا خالفته عليه الأمة إلى غيره إرادة ابطال أمره وكانوا يسألون عن أمير المؤمنين (ع) عن الشئ فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس وفي التهذيب في الموثق عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال ما سمعته شيئا يشبه قول الناس فيه التقية وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه ومن العجب أن معظم تأويلهم في باب الترجيح إنما هو على رواية بن حنظلة وقد تلقوها بالقبول وسموها المقبولة وإن كان لهم فيه كلام وهي مشتملة على هذا الوجه بأبلغ الوجوه مع أن اتفاق القوم على التصويب ممنوع لاشتهار الخلاف فيه بينهم كما نقله العلامة منا والعضدي منهم بل نقل بعض متأخريهم أن المذهب المختار للفقهاء الأربعة التخطئة واهتمام علمائهم في كل عصر بانتشار أقاويلهم وحرصهم على عمل الناس بها وحمل السلطان على ترويجها وايصال الأذى والضرر إلى من خالفها وعدل عنها مما امتلأت به كتب السير خصوصا في حق أئمتنا الطاهرين صلوات الله عليهم إذ كانوا متهمين عندهم بالمخالفة ومحسودين على ما آتاهم الله من فضله وظنونهم سيئة فيهم فكانوا مضطرين إلى التحبب إليهم باظهار الموافقة لهم ومداراتهم بالقول والعمل بالمشتهر في كل عصر من مذاهبهم وبالجملة فهذا من القطعيات التي لا يحوم حولها شك وقد ورد في بعض الأخبار ترجيح الأحدث روى ذلك ثقة الاسلام عن المعلي بن خنيس قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ فقال خذوا به حتى يبلغكم عن الحي وإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله قال الكليني وفي حديث آخر خذوا بالأحدث وعن الحسين بن مختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ بالأخير فقال لي رحمك الله ولعل الوجه في ذلك فيما لو كان الأسبق بنويا ما ورد في موثقه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتهمون بالكذب فيجئ منكم خلافه قال إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن وأما في غيره فإن تغاير المروي عنه فلان المتأخر منهم (ع) أعلم بمقاصد آبائه الطاهرين وأعرف بواقع كلامهم كذا قيل وهو يجري في صورة اتحاده أيضا وقيل إن الأزمنة تختلف في مراعاة مصلحة التقية وهو أعلم بذلك فيتكلمون في كل وقت بما تقتضيه مصلحة ذلك الوقت وهذا أحد معاني قول أبي عبد الله (ع) وقد سئله منصور بن حازم ما بالي أسئلك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيره فتجيبه فيها بجواب آخر فقال إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان فليس لأحد أن يأخذ في العام بما حكم به عام أول فيختص العمل به بزمن الحضور دون هذه الأزمنة وهو قريب في رواية بن المختار ومن الصريح فيه رواية أبي عمرو الكناني قال قال لي أبو عبد الله (ع) يا أبا عمرو أرأيتك لو حدثتك بحديث أو أفتيك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيهما كنت تأخذ قلت بأحدثهما وأدع الآخر فقال قد أصبت يا أبا عمرو أبى الله أن يعبد إلا سرا أما و الله لئن فعلتم ذلك أنه لخير لي ولكم أبى الله لنا ولكم في دينه إلا التقية واعلم أن المشهور بين الأصحاب أنه لا معارضة بين عام وخاص ولا مطلق ومقيد ولا مجمل ومبين بل يبنى كل من الأدلة على ما يقابله عملا بالدليلين وقال الصدوق في اعتقاداته اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المحمد كما قال الصادق (ع) وكثيرا ما يبنى على هذه القاعدة في الفقيه وربما يقال وجوب حمل المطلق على المقيد ليس بمسلم مطلقا لأن في حمل المطلق على المقيد لا بد من ارتكاب خلاف ظاهر البتة فلو جاز تأويل في المقيد لم يكن ارتكاب خلاف الظاهر فيه أكثر منه في الأول لم يتعين حمل المطلق على المقيد بل مع التساوي ويحكم بالتوقف ومع النقصان يرتكب التأويل في المقيد انتهى وهو راجع إلى ما قلناه بقي الكلام في التدافع الواقع بين ما تضمن الارجاء عند تعذر الترجيح وما تضمن التخيير وربما يرفع بتخصيص الأول بالعبادات والثاني بالماليات ولا يعرف له وجه أو تخصيص الأول بمن يمكنه ذلك ويرجو اللقاء والثاني بغيره فيكون هو الحكم زمن الغيبة أو أن الارجاء والتوقف إنما هو في العلم والتخيير والتوسعة في العمل وهو ظاهر شيخ الأجل محمد بن يعقوب الكليني مجدد المذهب في المائة الثالثة بعد أبي جعفر الباقر (ع) في المائة الأولى وأبي الحسن الرضا (ع) في المائة الثانية على ما ذكره علماء الفريقين (رض) حيث قال في أول كتابه الذي لا يوجد له في كتب الاسلام عديل اعلم أرشدك الله أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلفت الروايات فيه عن العلماء برأيه إلا على ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360