التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٤٧
فإن الرجل يرفع اللقمة إلى فيه من حرام فما تستجاب له دعوة أربعين يوما وأن يكون الدعاء بعد التوبة فإن الاصرار على المآثم معرض للحرمان كما في المشاهد ورد المظالم فإنه من تتماتها كما سبق وعن أمير المؤمنين (ع) فيما أوحى الله إلى عيسى قل لبني إسرائيل إني لا أستجيب لأحد منهم دعوة ولأحد من خلقي لديهم مظلمة والاقبال على الله بكنه الهمة دون مجرد اللسان وعن أبي عبد الله (ع) إن الله لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه فإذا دعوت فاقبل بقلبك ثم استيقن الإجابة والتخشع والتضرع وهو التذلل والبكاء أو التباكي ولو بمثل رأس الذباب والاعتراف بالذنب والاستغفار منه قبل السئول وهما من جهة الدعاء كما سبق والتقدم في الدعاء قبل عروض الحاجة ليعرف في الملأ الأعلى صوته فلا يلام فورد في أحاديث أهل البيت (ع) تقدموا في الدعاء فإن العبد إذا كان دعاء فنزل به البلاء فدعا قيل صوت معروف وإذا لم يكن دعاء فنزل به بلاء فدعا قيل أين كنت قبل اليوم وعن النبي صلى الله عليه وآله في حديث أبي ذر تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وأن لا يعتمد في قضاء حوائجه على غير الله فعن أبي عبد الله (ع) إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا من عند الله فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه وأن يتصدق ويشم شيئا من الطيب ثم يدعو مستقبل القبلة فإنه خير المجالس رافعا يديه بحيث يرى باطن إبطيه ولو تقديرا وهو أحد الوجوه في الابتهال وفي التضرع ضاما بين كفيه فإن تعذر فليدع باليمين جاعلا بطنهما نحو السماء سيما في دعاء الرزق وهو الرغبة ناظرا إليهما لا إلى السماء كما في القنوت وورد في التعوذ أن يستقبل القبلة بباطن الكفين وفي دعاء الخيفة أن يحرك إصبعه السبابة مما يلي وجهه وروي أيضا جعل ظهر الكفين إلى السماء وهو الرهبة وللدعاء بإصبع واحدة يشير بها وهو التبتل وبالإصبعين يشير بهما ويحركهما وهو التضرع وفي أخرى هو تحريك السبابة اليمنى يمينا وشمالا وفي ثالثة هو رفع اليدين والتضرع بهما وورد تفسير هذه الإشارات على وجوه أخر تطلب من مظانها وهي تعبدات لا يعلم حقيقتها إلا الراسخون في العلم ولا يردهما حتى يمسح بهما على وجهه ورأسه كما ورد عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) وفي رواية أخرى على وجهه وصدره فإن الله يستحيي أن يردهما صفرا حتى يجعل فيهما من فضل رحمته ما يشاء وأن يتخافت به فدعوة واحدة سرا تعدل سبعين دعوة علانية أو أفضل منها وأن يتيقن بالإجابة كما تقدم وأن يلح فيه فعن أبي جعفر (ع) والله لا يلح عبد على الله إلا استجاب له وعن أبي عبد الله (ع) إن الله كره الحاح الناس بعضهم على بعض و أحب ذلك لنفسه وأن لا يستبطئ الإجابة فربما يكون التأخير لكرامته على الله شوقا إلى صوته ودعاءه ونحيبه وعن بعض المشايخ لا يتبرم الداعي من بطء إجابته فإن الدعاء البطئ الإجابة أبقى أثرا وأطيب ثمرا كالنخلة تطعم كل خير بعد أمد بعيد في زمن مديد بخلاف السريع الإجابة فإنه كشجرة اليقطين قريبة المنال سريعة الاضمحلال وأن يفتتح المسألة بالتمجيد والثناء على الله وهو من جهة الدعاء أيضا وأفضله المأثورات وأدنى التمجيد الحمد لله الذي علا فقهر والحمد لله الذي ملك فقدر والحمد لله الذي بطن فخبر والحمد لله الذي يحيى الموتى ويميت الأحياء وهو على كل شئ قدير وروي غيره ومما ينبغي أن لا يترك في الابتداء الصلاة على محمد وأهل بيته فبعدة طرق معتبرة لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد والأفضل أن يختتم بذلك أيضا لقبولهما فلا يرد ما في البين فعن أبي عبد الله (ع) من كانت له إلى الله حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على محمد وآل محمد فإن الله أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط وروى الأمر به في الوسط أيضا وهو أكمل وينبغي رفع الصوت بها فإنها تذهب بالنفاق كما في النبوي وأن لا يبترها فعن أبي عبد الله (ع) قال سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول اللهم صل على محمد فقال له أبي يا عبد الله لا تبترها لا تظلمنا حقنا قل اللهم صل على محمد وأهل بيته وتسمية الحاجة فإن الله لا يخفى عليه خافية ولكنه يحب أن تبث إليه الحوائج والتعميم فيه فورد أنه أوجب للدعاء بل الأولى أن يدعو لإخوانه المؤمنين بظهر الغيب وليكونوا أربعين سيما بعد الفراغ من صلاة الليل ويلتمس منهم الدعاء كذلك حتى يكون داعيا بلسان غير مذنب فورد أن الله أوحى إلى موسى ادعني على لسان لم تعصني به فقال يا رب أنى لي بذلك فقال ادعني على لسان غيرك وفي عدة أخبار أن الداعي لأخيه بظهر الغيب يقال له من الملأ الأعلى ولك مثلاه وفي روايات أخر مائة ألف ضعف مثله وفي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه وهو متيقن الإجابة ومن ثم كان غير واحد من أكابر السلف إذا حضروا الموقف دعوا لإخوانهم المؤمنين دون أنفسهم حتى يفيض الناس فلما عوتبوا في ذلك قالوا لا ندع مائة ألف مضمونة لواحدة لا ندري تستجاب أم لا وأن يجتمعوا فيه ولو بالنساء والصبيان فيدعو المحتاج ويؤمنون كما يروى من فعل أبي جعفر (ع) إذا حزنه أمر ومن المقررات أن لتوافق النفوس وتعاضدها لا سيما إذا كانت قوية متهذبة مشابهة للمبادئ العالية مدخلا عظيما في استنزال الخيرات واستجلاب البركات واستفتاح المقاصد المستبعدة الحصول وله وجوه معقولة من جهة الطبيعة مذكورة في محالها فإن كانوا أربعين رجلا استجيب لهم وإلا فأربعة يدعون الله عشرا وإلا فواحد يدعو أربعين مرة روى ذلك أبو خالد عن أبي عبد الله (ع) وفيها وفي نظائرها تنبيه على ما في هذا العدد
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360