وفدى العباس نفسه يومئذ وعقيلا ونوفلا ابني أخويه، وأسلم عقيب ذلك، وقيل: إنه أسلم قبل الهجرة، وكان يكتم اسلامه، وكان يكتب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبار المشركين، وكان من بمكة من المسلمين يتقوون به، وأراد الهجرة فكتب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك فأجابه بهذا الكتاب.
ثم هاجر وشهد فتح مكة وانقطعت الهجرة كما في نص الحديث، ونص القرآن الكريم على نفي الولاية بين المؤمنين المهاجرين وبين غيرهم فقال: * (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض، والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير) * الأنفال: 72 وقد نفيت فيها الولاية بين المؤمنين المهاجرين والأنصار، وبين المؤمنين غير المهاجرين إلا ولاية النصرة إذا استنصروهم بشرط أن يكون الاستنصار على قوم ليس بينهم وبين المؤمنين ميثاق.
والظاهر أن المراد انقطاع الهجرة من مكة إلى المدينة، لأن مكة بعد الفتح خرجت عن كونها دار الحرب وصارت دار الاسلام، والملاك من الهجرة الهجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام، ولعله معنى قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
" والهجرة قائمة على حدها الأول ما كان لله في الأرض حاجة من مستسر الأمة ومعلنها لا يقع اسم الهجرة على أحد إلا بمعرفة الحجة في الأرض، فمن عرفها وأقر بها فهو مهاجر " (1) فقوله (صلى الله عليه وآله): " لا هجرة بعد الفتح " (2) ناظر إلى الهجرة عن مكة، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة (3)، يعني الهجرة من دار