____________________
الأولية والآخرية: أمران اعتباريان إضافيان تحدثهما العقول لذاته المقدسة، وذلك إنك إذا لاحظت ترتيب الوجود في سلسلة الحاجة إليه سبحانه وجدته تعالى بالإضافة إليها أول، إذ كان انتهاؤه في سلسلة الحاجة إلى غنائه المطلق، فهو أول بالعلية والذات والشرف، وإذ ليس بذي مكان فالتقدم بالمكان منفي عنه، والزمان متأخر عنه إذ هو من لواحق الحركة المتأخرة عن الجسم المتأخر عن علته، فلم يلحقه (1) القبلية الزمانية فضلا عن أن يسبق عليه، فكان قبل كل شيء ولم يكن شيء قبله مطلقا لا من الزمانيات، ولا من غيرها، ولما كان كل موجود سواه ممكن العدم فله من ذاته أن لا يستحق وجودا، فضلا عن أن يستحق الآخرية والبعدية المطلقة، وهو تعالى واجب لذاته فهو المستحق لبعدية الوجود وآخريته لذاته، وبالقياس إلى كل موجود فإذن هو الأول المطلق الذي لا أحد ولا شيء قبله، والآخر المطلق الذي لا شيء بعده، والمراد بالعدد هنا المعدود وهو يشمل كل ما سوى الله تعالى، إذ لا ممكن إلا ويلحقه العد وهو جعله مبدء كثرة يصلح أن يعد بها ويكون معدودا بالنسبة إليها، لأن كل ممكن مركب، إذ لا أقل فيه من الإمكان والوجود أو الجنس والفصل أو المادة والصورة، ولذلك قيل: كل ممكن زوج تركيبي، ويحتمل أن يكون معنى الآخر بعد كل عدد انتهاء الممكنات إليه إذا عدت ورتبت سلسلتها من الأبد إلى الأزل، كما تقدم بيانه في الروضة الأولى (2) والله أعلم.
الدنو: القرب وأصله في المسافة والمكان، يقال: دنوت منه دنوا إذا قربت منه مكانا، وإذ ليس المراد به هنا هذا المعنى لتقدسه سبحانه عن الجسمية التي هي من
الدنو: القرب وأصله في المسافة والمكان، يقال: دنوت منه دنوا إذا قربت منه مكانا، وإذ ليس المراد به هنا هذا المعنى لتقدسه سبحانه عن الجسمية التي هي من