____________________
يحمده» (1)، ولذلك آثر عليه السلام الحمد على الشكر في الثناء عليه سبحانه وجعله سببا لشكر إحسانه مطلقا بقوله: «لنكون لإحسانه من الشاكرين» حتى كأنه لو لا الهداية إليه لم يكن الشكر وهو كذلك كما نص عليه الحديث المذكور، وبيانه أنه إذا لم يعترف العبد بإنعام مولاه لم يثن عليه بما يدل على تعظيمه لم يظهر منه شكر ظهورا كاملا وإن اعتقد وعمل فلم يعتد شاكرا لأن حقيقة الشكر إظهار النعمة والكشف عنها كما أن كفرانها إخفاؤها وسترها، والاعتقاد: أمر خفي في نفسه وعمل الأركان والجوارح وإن كان ظاهرا إلا أنه يحتمل خلاف ما قصد به إذ لم يعين له، بخلاف النطق فإنه ظاهر في نفسه ومعين لما أريد به وضعا (2) فهو الذي يفصح عن كف خفي ويجلي عن كل مشتبه (3) فلا احتمال له لا جرم كان الحمد رأس الشكر، فكما أن الرأس أظهر الأعضاء وأعلاها وعمدة لبقائها كذلك الحمد أظهر أنواع الشكر وأشملها على حقيقته حتى إذا فقد كان بمنزلة العدم فصح أنه ما شكر الله عبد لم يحمده واتضح كونه سببا للشكر والاتصاف به والجزاء: المكافأة على الشيء، جزاه به وعليه جزاء، وذلك إشارة إلى الحمد وما فيه من البعد لتفخيمه وتعظيمه أي وليجزينا تعالى على حمده جزاء مثل جزاء المحسنين، وفي تشبيه جزاء الحامدين بجزاء المحسنين من تعظيم أمر الحمد ما لا يخفى حيث جعل ما يترتب عليه من الثواب والجزاء مثل ما يترتب على الإحسان الذي هو حقيقة الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره صلى الله عليه وآله بقوله: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فانه يراك (4).
وفيه تلميح إلى ما وعده سبحانه من الزيادة على كل من الشكر والإحسان حيث قال في الشكر: لئن شكرتم لأزيدنكم (5)، وقال في الإحسان: وسنزيد
وفيه تلميح إلى ما وعده سبحانه من الزيادة على كل من الشكر والإحسان حيث قال في الشكر: لئن شكرتم لأزيدنكم (5)، وقال في الإحسان: وسنزيد