رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٦ - الصفحة ١٠٦

____________________
فالجواب: أن عادة ذوي العقول - قبل الرسول ومع الرسول وبعد الرسول - قد جرت بمخاطبة الديار، والأوطان، والشباب، وأوقات الصفاء والأمان والإحسان ببيان المقال، وهو محادثة لها بلسان الحال فلما جاء أدب الإسلام أمضى ما شهدت بجوازه من ذلك أحكام العقول والأفهام، ونطق به مقدس القرآن المجيد.
فقال جل جلاله: يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (1).
فأخبر أن جهنم ترد الجواب بالمقال، وهو إشارة إلى لسان الحال، وذلك كثير في القرآن الشريف وفي كلام الأئمة عليهم السلام وكلام أهل التعريف، فلا يحتاج أولو الألباب إلى الإطالة في الجواب.
فلما كان شهر رمضان قد صحبه ذوو (2) العناية به من أهل الإسلام والإيمان صحبة أفضل لهم من صحبة الديار والمنازل، وكان أنفع لهم من الأهل، وأرفع من الأعيان والأماثل اقتضت دواعي لسان الحال أن يودع عند الفراق والانفصال انتهى كلامه رفع مقامه (3).
قلت: وهو في اصطلاح أهل البيان من باب الاستعارة المكنية التخييلية شبه شهر رمضان بالصاحب الذي عزم على السفر بجامع الذهاب، ثم طوى ذكر المشبه به وذكر المشبه، وجعل إثبات الوداع له تنبيها على ذلك وهو التخييل، وقس ذلك الحال في خطابه بما يخاطب به العقلاء المميزين فيما سيأتي في أثناء الدعاء. ويتعلق بالمقام مسائل:
إحداها: قال بعض أصحابنا: وقت الدعاء لوداع شهر رمضان آخر ليلة منه، وفي سحرها أفضل أو في آخر يوم منه.
وفي التوقيعات الواردة عن صاحب الأمر صلوات الله عليه في جواب المسائل

(1) سورة ق: الآية 30.
(2) " ألف ": ذو.
(3) الاقبال: ص 242.
(١٠٦)
مفاتيح البحث: سورة ق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست