رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٦ - الصفحة ٢٩٦

____________________
وصورة جسمية: ورسموها بأنها جوهر من شأنه أن يخرج به محله من القوة إلى الفعل.
وقال الراغب: الصورة ما تنتقش به الأعيان، وتتميز به عن غيرها وهي ضربان:
أحدهما: محسوس تدركه الخاصة والعامة، بل يدركه الإنسان وكثير من الحيوان، كصورة الإنسان والفرس والحمار بالمعاينة.
والثاني: معقول تدركه الخاصة دون العامة، كالصورة التي أختص بها الإنسان من العقل والروية، والمعاني التي خص بها شيء فشئ وإلى الصورتين أشار بقوله تعالى: خلقناكم ثم صورناكم وصوركم فأحسن صوركم في أي صورة ما شاء ركبك هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء (1).
وبالجملة فالمراد بقوله عليه السلام: «وصورت ما صورت» ما يشمل أنواع الصور، نوعية كانت أو جسمية أو شخصية، وعنصرية كانت أو فلكية.
والمثال: بالكسر مصدر ماثله مماثلة ومثالا، كقاتله مقاتلة وقتالا، أي مشابها ثم استعمل في وضع شيء ما ليحتذى به فيما يعمل، أو مقابلة شيء بشيء، وهو نظيره والمعنى: أنه تعالى أفاض الصور على المصورات ابتداء واختراعا من غير مثال احتذى عليه من خالق كان قبله، وإيثار تعريف المفعول بالموصولية للتفخيم، أي صورت ما صورت من الأشياء التي لا يقدر على عدها ووصفها، كقول الشاعر:
وبلغت ما بلغ أمرؤ بشبابه * فإذا عصارة كل ذاك أثام وابتداع الشيء: صنعته وإيجاده وإحداثه.
واحتذيت به احتذاء: اقتديت به في فعله، والظرف في محل نصب حالا من الفاعل، أي أحدثت المحدثات وأوجدت الموجودات من غير اقتداء منك لموجد (2)

(1) المفردات: ص 289.
(2) " الق " بموجود.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست