____________________
التي كانوا عليها وقت تلبسهم بالنعمة فإذا فارقوها واتصفوا بما ينافيها غيرها فعدم التغيير في الآيتين مقيد.
قلت معنى كونه تعالى لا يغير النعمة أنه لا يغيرها من ذات نفسه من غير موجب لتغييرها فإذا حصل موجب تغييرها ومقتضاه لم يكن التغيير واقعا من الله سبحانه في حد ذاته بل بسبب ناشيء من غيره فكأنه هو المغير للنعمة فلا منافاة بين عبارة الدعاء ومدلول الآيتين وهذا معنى قولهم: الرحمة ذاتية له تعالى والغضب من مقتضيات العصيان ولذلك قال أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه: «وأيم الله، ما كان قوم قط في خفض عيش، فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها، لأن الله ليس بظلام للعبيد، ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد، وأصلح لهم كل فاسد» (1).
وبادر مبادرة وبدارا: أسرع وعجل.
والنقمة: مثل كلمة، وتخفف مثلها: اسم من انتقم منه إذا عاقبه أو بالغ في العقوبة من نقم إذا بلغت به الكراهة حد السخط ولما كان غرض العناية الإلهية سوق كل ناقص إلى كماله كانت من سنته تعالى عدم مبادرة العصاة بالانتقام ومعاجلتهم بالعقاب بل ينظرهم ويمهلهم ليرجعوا عن عصيانهم وغيهم إلى الطاعة والرشد ويخرجوا من ظلمات الجهل وورطات المآثم إلى نور الحق ومتسع الجود.
قوله عليه السلام: «ويا من يثمر الحسنة حتى ينميها» أي يجعلها ذات ثمرة ويرتب عليها منافع حتى يكثرها، يقال لكل نفع صدر عن شيء وترتب عليه: ثمرته، كقولك: النجاة ثمرة الصدق، والظفر ثمرة الصبر، والجنة ثمرة الإيمان، وأصله من الثمرة للشجر، وهي اسم لما يؤكل من حمل الشجر، ويثمر هنا مضارع
قلت معنى كونه تعالى لا يغير النعمة أنه لا يغيرها من ذات نفسه من غير موجب لتغييرها فإذا حصل موجب تغييرها ومقتضاه لم يكن التغيير واقعا من الله سبحانه في حد ذاته بل بسبب ناشيء من غيره فكأنه هو المغير للنعمة فلا منافاة بين عبارة الدعاء ومدلول الآيتين وهذا معنى قولهم: الرحمة ذاتية له تعالى والغضب من مقتضيات العصيان ولذلك قال أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه: «وأيم الله، ما كان قوم قط في خفض عيش، فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها، لأن الله ليس بظلام للعبيد، ولو أن الناس حين تنزل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم، ووله من قلوبهم، لرد عليهم كل شارد، وأصلح لهم كل فاسد» (1).
وبادر مبادرة وبدارا: أسرع وعجل.
والنقمة: مثل كلمة، وتخفف مثلها: اسم من انتقم منه إذا عاقبه أو بالغ في العقوبة من نقم إذا بلغت به الكراهة حد السخط ولما كان غرض العناية الإلهية سوق كل ناقص إلى كماله كانت من سنته تعالى عدم مبادرة العصاة بالانتقام ومعاجلتهم بالعقاب بل ينظرهم ويمهلهم ليرجعوا عن عصيانهم وغيهم إلى الطاعة والرشد ويخرجوا من ظلمات الجهل وورطات المآثم إلى نور الحق ومتسع الجود.
قوله عليه السلام: «ويا من يثمر الحسنة حتى ينميها» أي يجعلها ذات ثمرة ويرتب عليها منافع حتى يكثرها، يقال لكل نفع صدر عن شيء وترتب عليه: ثمرته، كقولك: النجاة ثمرة الصدق، والظفر ثمرة الصبر، والجنة ثمرة الإيمان، وأصله من الثمرة للشجر، وهي اسم لما يؤكل من حمل الشجر، ويثمر هنا مضارع