في غيره ضرورة أنه لا معنى لأن يقال إن أخذ العلم مثلا ممن لا يكون علمه معلوما أولى وأحسن ممن يكون ذلك معلوما منه ولهذا لا يتفوهون في اختيار أبي بكر بأنه جاز أن يكون أكثر ثوابا من علي عليه السلام بل يقولون جزافا أنه كان أعرف بحفظ الحوزة وقانون الرياسة من علي عليه السلام وهذا ظاهر جدا عند العقل وقد ورد في النقل من القرآن والحديث أيضا كقوله تعالى " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون " يعني هل الذي يكون صاحب هداية وعلم بالحق أحق وأولى بأن يهتدي به الخلق ويقتبس الحق من أنوار هدايته وعلمه أو الذي لا هداية له ولا علم له إلا أن يتعلم العلم والهداية عن غيره فكيف تحكمون أنتم في هذا أيها العقلاء؟ يعني من المعلوم أن العقل يحكم بأن الأول أحق وأولى بمتابعة الخلق له واقتدائهم به وخلافه مكابرة وعناد لا يخفى على أولي النهى والعاقل من يزكي نفسه عن شوائب التقليد ولا يقول إن العلماء والمشايخ السلف وآباءنا ذهبوا إلى كذا وظننا بهم أنهم لم يخطئوا لأن الخطأ والغلط جائز على من عدا الأنبياء المرسلين والأئمة الطاهرين مع قيام احتمال أعمال التقية، والافتتان بالشيطان والدنيا الدنية، ألا ترى أن سلاطين زماننا متصفون بكمال الظلم والجور والناس بل العلماء منهم يترددون إليهم ويختارون ملازمتهم وإطاعتهم ولو منعهم رجل صالح عن متابعة ذلك الظالم وتعظيمه ودعاءه يعرضون عنه ويذمونه ولو أن ذلك الظالم أمرهم بإهانة ذلك الصالح أو قتله لأهانوه أو قتلوه بلا توقف وهذا واضح جدا وله قرائن كثيرة لا يسعها المقام وبالجملة يجب على من حاول معرفة العقائد اليقينية، والعلم بالمقاصد الدينية، أن يكون حين يقصد الاستدلال على العقائد التي إنما خلق لاكتسابها باليقين، وبدون ذلك يستحيل أن ينخرط في سلك أصحاب اليقين، وأخبار المؤمنين، كالعقل الهيولاني لا يركن أصلا إلى ذهاب أبيه وأمه أو معلمه أو سلطانه أو معشوقه مذهبا
(٢٧٣)