على أن يفعلها كل أحد منهم باستقلال بل بأمر الإمام كما يرشد إليه قوله وهي لا تتم إلا بالإمام فهذا الأمر راجع إلى بيان ما يجب على معاونة الإمام في الأمور المذكورة لا إلى وجوب أصل الإمامة فالواجب المطلق في الأمر بما ذكر هو الوجوب المتعلق بإطاعة الأمة لا الوجوب المتعلق بنصب الإمام ولا يلزم من سمعية الأول سمعية الثاني على أن لقائل أن يمنع قولهم إن ما لا يتم الواجب به وكان مقدورا للمكلف كان واجبا " وإنما تصدق هذه المقدمة لو امتنع تكليف ما لا يطاق وهو غير ممتنع عندهم فلم يتم هذا الدليل للأشاعرة وأيضا الذي يقوم عليه الدليل هو وجوب مقدمة الواجب بمعنى كونه مما لا بد منه في تحقق ما هي مقدمة له لا الوجوب الشرعي الذي قصدوه في هذا المقام وتحقيق ذلك يطلب من كتب الأصول لأصحابنا أيدهم الله تعالى.
وأما عاشرا فلأن ما ذكره ثانيا بقوله " ولأن في نصبه جلب منافع لا تحصى و دفع مضار تستقصى الخ " مردود بأن الضرر المظنون أما ديني وهو تقريب المكلفين وتبعيدهم وذلك لا يحصل إلا من إمام مؤيد من عند الله بالآيات والبينات عارف بجزئيات التكاليف العقلية والشرعية مما لا يعرفها إلا الراسخون ولا يرضى بحكمه إلا المتقون، بخلاف من نصبته الرعية على وفق آرائهم، ومقتضى شهواتهم، حيث جوزوا ترجيح المرجوح وتفضيل المفضول واستأثروا اتباع الظالم الجاهل الذي لا يعرف شيئا من ضروريات الدين كما ينبغي، بل لا يهتدي بضروريات العقل أيضا لينالوا بوسيلته مراداتهم الجاهية والمالية وإما دينوي كالهرج والمرج والفتن ولا نزاع لنا في حصوله في الجملة من نصب رئيس يختاره طائفة من الناس بينهم لئلا يختل