ما لا يغلب على ظن العباس فلا يكون في أمثاله دلالة على صواب ما جرى من العقد لأبي بكر وإنما يدل على أن ما بذله له العباس من البيعة لم يكن عنده صوابا وبالجملة لما رأى العباس أن القوم شرعوا الإمامة من جهة الاختيار وأوهموا أنه الطريق إلى الإمامة أراد أن يحتج عليهم بمثل حجتهم ويسلك في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام مسلكهم على سبيل الاستظهار عليهم والإزالة لشبهتهم ولما علم عليه السلام أن العباس ليس ممن يصلح معاضدا معارضا في هذا الأمر توقف عن قبوله ويؤيد هذا ما روي عنه عليه السلام أنه قال في تلك الأيام لو كان حمزة وجعفر حيين لما طمع في هذا الأمر أحد ولكني قد ابتليت بجلفين جافين عباس وعقيل وأما ما ذكره من أن الأنصار كرهوا بيعة أبي بكر الخ فأقول نعم لكن الشيخين وأتباعهما من قريش أوقعوا في أوهام الأنصار وغيرهم أن قعود علي عليه السلام في بيته لتجهيز النبي صلى الله عليه وآله ترك عنه عليه السلام للخلافة المتعينة له عن النبي صلى الله عليه وآله فلهذا اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة وأرادوا عقد الإمارة لواحد منهم على أنفسهم لانتظام أمورهم ولم يظهر لهم خلاف ما توهموه أولا إلا بعد ما غلب عليهم صناديد قريش وأخذوا منهم البيعة الفاسدة لأبي بكر فلتة كما مر فلم يسعهم نقضها بعد ذلك والرجوع إلى علي عليه السلام ظاهرا إلا من شذ منهم كسعد بن عبادة وأولاده رضي الله عنهم وتفصيل ذلك مذكور في كتاب الفتوح وروضة الصفا فخذ ما صفا وأما قوله " فدفعهم أبو بكر بخبر الأئمة من قريش " فالظاهر أنه مما وضعوه وأوقعوا في أوهام الأنصار أنه حديث النبي صلى الله عليه وآله لأن عمر قد ناقض ذلك فيما بعد وقال حين أظهر الشك في استحقاق كل واحد من الستة الذين جعلهم شورى لو كان سالم مولى حذيفة حيا ما يحابى فيه شك وسالم عبد لامرأة من الأنصار وهي أعتقته وحازت ميراثه وأما قوله وعلي أقوى منهم شوكة
(٧٣)