أقول: بعد تسليم صحة رواية النزول في كون معنى الآية ما ذكره هذا الشيخ النازل لا دلالة فيها إلا على الفرق بين سعي أبي بكر وسعي كافرين وليس في هذا فضيلة كما لا فضيلة بين فرعون ونحوه من كل جبار عنيد في أن يقال: إنه أصلح من الشيطان المريد.
99 - قال: الآية الثالثة قوله تعالى " ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها " أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب ههنا أبو بكر ومن ثم من أنكر صحبته كفر إجماعا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن الضمير في " فأنزل الله سكينته عليه " لأبي بكر ولا ينافيه " وأيده بجنود " إرجاعا للضمير في كل إلى ما يليق به وجلالة ابن عباس قاضية بأنه لولا علم في ذلك نصا لما حمل الآية عليه مع مخالفة ظاهرها له انتهى.
أقول:
الاستدلال بهذه الآية على فضيلة أبي بكر وأما من حيث مجرد كونه مع النبي صلى الله عليه وآله في الغار، وأما من حيث وصفه بكونه ثاني اثنين للنبي صلى الله عليه وسلم فيه كما ذكر فخر الدين الرازي في تفسيره، أو من حيث تسميته صاحبا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا دلالة لشئ منها على ذلك،.
أما الأول فلأنه شاهد عليه بالنقص والعار، واستحقاقه لسخط الملك الجبار، لا الفضيلة والاعتبار لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذه معه للأنس به كما توهموه لأن الله تعالى قد آنسه بالملائكة ووحيه وتصحيح اعتقاده أنه تعالى ينجز له جميع ما وعده وإنما أخذه لأنه لقيه في طريقه فخاف أن يظهر أمره من جهته فأخذه معه احتياطا في تمام سره ولما دخل معه صلى الله عليه وآله وسلم في الغار في حرز حريز ومكان مصون بحيث يأمن الله تعالى على نبيه