وبلده يعد مبايعا له من حيث رضي وسلم وانقاد وإن لم يضرب بيده وإنما يراد الصفقة ليكون إمارة الرضا فإذا ظهر ما هو أولى منها لم يعتبر بها ولم يحتج إليها فلما وقع الاتفاق على تأخير أمير المؤمنين عليه السلام عن البيعة يجب أن يكون محمولا على التأخر عن إظهار الرضا والتسليم دون الصفقة باليد ولو كان راضيا بالأمر ومسلما للعقد لم يعتبر بصفقته ولا عوتب على تأخره ولا قيل في ذلك ما قيل وجرى ما جرى ومن صواب الجواب ما روي أنه لما اتصل بعلي بن أبي طالب عليه السلام أن الناس قالوا ما باله لم ينازع أبا بكر و عمر كما نازع طلحة والزبير وعائشة قال إن لي بسبعة من الأنبياء أسوة أولهم نوح عليه السلام قال الله تعالى مخبرا عنه " رب إني مغلوب فانتصر " فإن قلتم إنه ما كان مغلوبا فقد كذبتم القرآن وإن كان كذلك فعلي أعذر والثاني إبراهيم (ع) وهو خليل الرحمن حيث يقول " واعتزلكم وما تدعون من دون الله " فإن قلتم إنه اعتزلهم من غير مكروه فقد كفرتم وإن قلتم إنه رأى المكروه فاعتزلهم فالوصي أعذر وابن خالته لوط عليه السلام إذ قال لقومه " لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد " فإن قلتم كان له بهم قوة فقد كذبتم القرآن وإن قلتم إنه ما كان له بهم قوة فالوصي أعذر ويوسف عليه السلام إذ يقول " رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " فإن قلتم إنه دعى إلى غير مكروه يسخط الله فقد كفرتم وإن قلتم إنه دعى إلى ما يسخط الله تعالى فاختار السجن فالوصي أعذر وموسى بن عمران عليه السلام إذ يقول " فررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين " فإن قلتم إنه فر منهم من غير خوف فقد كفرتم وإن قلتم فر منهم خوفا فالوصي أعذر و هارون عليه السلام إذ يقول " يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء " فإن قلتم إنهم ما استضعفوه كفرتم وإن قلتم إنهم استضعفوه وأشرفوا على قتله فالوصي أعذر ومحمد صلى الله عليه وآله حيث هرب إلى الغار فإن قلتم أنه هرب من غير خوف أخافوه فقد كفرتم وإن
(٧٠)