تعويلهم على هؤلاء المتهمين بالوضع عند الخصم كما مر حجة عليه أو يوجب إقباله على خبرهم والركون إليه وحاشا أن يعدل المتمسك بحبل أهل البيت عليهم السلام عما يظن أنه مما قالوه وأن ينسب إليهم ما تبرأوا عنه واستقالوه بل القضية منعكسة لذي الألباب كما أوضحناه في كل ما نسب في هذا الباب. وأما ما نقله عن مولانا زين العابدين عليه السلام فلا دلالة له على مقصوده فإن أئمتنا عليهم السلام لم يزل كانوا يوصون شيعتهم بالتقية والتحرز عن الوقوع في تهلكة المخالفين من الأموية وغيرهم من أولي العصبية الجاهلية لكن ربما ضاق صدر بعض الشيعة سيما عوامهم عن كتمان ولاءهم وغلا قدره بالتبري عن أعدائهم فأورث ذلك لهم في نظر الجمهور عارا وأدى إلى بغض الناصبة لهم سرا وجهارا حتى لعنوهم على منابر بني أمية أعواما وأعصارا فلنعم ما قال الكاذب الملعون " لعن الله من كذب على هؤلاء الأئمة ورماهم بالزور والبهتان ".
91 - قال: الباب الثالث في بيان أفضلية أبي بكر على سائر هذه الأمة، ثم عمر ثم عثمان، ثم علي، وفي ذكر فضائل أبي بكر الواردة فيه وحده أو مع عمر أو مع الثلاثة أو مع غيرهم وفيه فصول، الفصل الأول: في أفضليتهم على هذا الترتيب وفي تصريح علي رضي الله عنه بأفضلية الشيخين على سائر الأمة وفي بطلان ما زعمه الرافضة والشيعة من أن ذلك قهر وتقية.
إعلم أن الذي أطبق عليه عظماء الملة وعلماء الأمة أن أفضل هذه الأمة أبو بكر الصديق ثم عمر ثم اختلفوا فالأكثرون ومنهم الشافعي وأحمد وهو المشهور عن مالك أن الأفضل بعدهما عثمان ثم علي وجزم الكوفيون ومنهم سفيان الثوري بتفضيل علي على عثمان وقيل بالوقف عن التفاضل بينهما وهو رواية عن مالك فقد حكى أبو عبد الله المأرزي عن المدونة أن مالكا سئل أي الناس أفضل بعد نبيهم؟ فقال أبو بكر ثم عمر ثم قال أو في ذلك شك؟ فقيل له وعلي وعثمان فقال ما أدركت أحدا أم من اقتدى به يفضل أحدهما على الآخر