بأدنى تغيير فنسبة الشيعة في رواية ذلك إلى الافتراء والارتياب، كما أتى به هذا الشيخ المعاند في الجواب إنما نشأ من غاية العجز والاضطراب. وأما الحديث الثاني والثالث فقد مر أنهما من المتواترات في الطبقة الأولى كافة، وإنما انقطع تواتره في أواخر تلك الطبقة سيما بني أمية وأتباعهم، المنحرفين عن النصوص عليه، المانعين لظهور نقلها على الكافة فصار الخوف منهم موجبا لكتمان جمهور الطبقة الثانية الموجودين في حاق زمان ملكهم بذلك وبقي بين الشيعة بحاله مستسرين في نقله طائفة بعد طائفة أن قيل: كيف يجوز على العدد الكثير وعلى من يتواتر به الأخبار من جماعة أهل السنة أن يكتموا خبرا يحتاج إليه الأمة أشد حاجة وهو في الأمر العظيم الخطير الشريف الرفيع وقد توعدوا على كتمانه ووعدوا على إذعانه لبعض ما ذكرتم من الأسباب الفاسدة والأغراض الكاسدة ولو جاز هذا عليهم لجاز عليهم تعمد الكذب فيما شاهدوا وعاينوا، وما الفرق بين الكتمان والكذب؟
قلنا: إنا لا نجيز وقوع الكتمان من العدد الكثير إلا بعد أن يتغير حالهم ويحتال عليهم محتال في إدخال شبهة عليهم يزيلهم بها عن دينهم فإذا تغيرت الحال وعملت الشبهة وزال القوم عن الدين أمكن أن يعرضوا عما قد سمعوه وعاينوه فإذا أعرضوا أمكن وقوع الكتمان على الأيام وتطاولها وما يعرض فيها من غلبة سلطان جائر يقصد الذين يدينون دين الحق فيقتلهم ويشردهم ويخوفهم حتى يسكت العلماء ويتخذ الناس رؤساء جهالا فساقا كمعاوية ويزيد، عليهم من اللعن ما يربو ويزيد، فيضلون ويضلون والدليل على صحة ما ادعيناه أنا وجدنا من أمة موسى عليه السلام ما تغيرت حالهم وتمكنت الشبهة في قلوبهم أعرضوا عما كانوا سمعوه ووعوه من قول موسى عليه السلام وارتد الذي لا مثل له ولم يلتفتوا مع ما في عقولهم من أن الصانع لا نسبة لصنعه إلى صنعة السامري إلى ما كان يذكرهم به هارون ع وهموا بقتله وقالوا " لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " هذا