وأيضا إن أريد أن مفاد الآية نزع بعض أقسام الغل عن صدورهم فلا يفيدكم وإن أريد نزع مطلق الغل فغير مسلم كيف والمذكور في ضمن هذا الخبر أن المراد نزع الغل والعداوة التي كانت بينهم في الجاهلية فيجوز أن يكون في صدور الشيخين غل الحسد مع علي عليه السلام على ما آتاه الله من فضله كما ذكره هذا الشيخ الناسي عند ذكر الآية في فضائل أهل البيت عليهم السلام وصرح بمثله في مواضع أخرى قد أشرنا إليها آنفا فتذكر. وأيضا ينافي كون المنزول فيهم من ذكر ظاهر ما سيذكر بعد ذلك رواية عن محمد بن حاطب من أنه سأل عليا عليه السلام في من قتل عثمان وكان متكئا فقال يا ابن حاطب والله إني لأرجو أن أكون أنا وهو كما قال الله تعالى " ونزعنا ما في صدورهم من غل " فإنه لو كان علي عليه السلام من جملة المنزول فيهم لكان دخوله في الآية محققا عنده لا مرجوا له اللهم إلا أن يقال إن رجاءه لذلك إنما كان باعتبار ضمه لعثمان معه أو يقال إن الضمير الغائب أعني هو في قوله " أنا وهو " ليس راجعا إلى عثمان بل هو راجع إلى من قتل عثمان وهو محمد بن أبي بكر مع بعض أصحابه وحينئذ يكون المراد بالغل المنزوع عداوة الإسلام لا عداوة عثمان ضرورة أن عداوة عثمان عند أهل البيت عليهم السلام من كمال الإسلام وشرائط الإيمان كما روي " أنه قال رجل لعلي عليه السلام: أحبك وأتولى عثمان فقال له الآن أنت أعور، فإما أن تعمى وإما أن تبصر " على أن الظاهر من توسيط قوله تعالى " ونزعنا ما في صدورهم من غل " بين قوله " أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " وبين قوله " تجري من تحتهم الأنهار " إن كلا من نزع الغل من صدورهم وجريان الأنهار من تحتهم مما يتصفون به في الجنة لا في أرض الحجاز وقد صرح بذلك أيضا صاحب الكشاف حيث قال " أي من كان في قلبه غل من أخيه في الدنيا نزع منه فسلمت قلوبهم فطهرت ولم يكن إلا التواد والتعاطف
(٢٤٨)