ولولا ذلك لم يحكم الله سبحانه وتعالى على منكر بالارتداد إذ محصل معنى الآية وعيد لمن أنكرها وارتد بذلك عن دين الإسلام قوم يعرفون صاحبها ويعترفون بحقه يحبهم الله ويحبونه لمحبتهم إياه والقيام بمودته والبراءة من أعدائه اللهم اجعلنا من زمرة الذين أنعمت عليهم بمحبة أحبائك والبراءة عن أعدائك إنك على شئ قدير وبالإجابة والتفضل حقيق جدير وأما الرواية في ذلك عن الحسن البصري فقد مر أنه ضعيف فلا يفيد برهانه القسمي ونحن نعارضه بإضعاف ذلك القسم على خلافه فليضحك قليلا وليبك كثيرا.
27 - قال: قال النووي في تهذيبه واستدل أصحابنا على عظيم علم الصديق بقوله في الحديث الثابت في الصحيحين " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقاتلتهم على منعه " واستدل الشيخ أبو إسحق بهذا وغيره في طبقاته على أن أبا بكر أعلم الصحابة لأنهم كلهم وقفوا عن فهم الحكم في المسألة إلا هو ثم ظهر لهم بمباحثته لهم إن قوله هو الصواب فرجعوا إليه انتهى.
أقول:
قد بينا سابقا نقلا عن ابن حزم أن من منع أبا بكر عن أداء الزكاة إليه لم يكونوا مرتدين حقيقة اتفاقا وأنهم لم يمنعوا الزكاة مستحلين في الدين بل منعوه عن أبي بكر لاعتقادهم عدم استحقاقه للخلافة كما مر فحكمه بقتالهم يكون جهلا لا علما و بالجملة إن أراد بذلك العلم العلم الذي كان يستدعيه انتظام خلافته وحصول مصلحته بالانتقام منهم فهو مسلم لكن لا يجدى نفعا وإن أراد العلم المطابق لحكم الله تعالى ورسوله فهو ممنوع كيف وقد روى صاحب الفتوح ما سيعترف به هذا الشيخ الجامد عند تقرير