بل يجب إعادة النظر مرة بعد أخرى وقد لا يثمر شئ من ذلك اتفاقهم لاختلاف الآراء غالبا وهو يبطل تعليقها على رأي الأمة وإلا لزم تعذر نصب الإمام أو جواز عمل كل فريق برأيه فيكون منصوب كل فريق إماما عليهم خاصة هذا خلف.
وأما ثانيا فلأن من اشتغل بذلك عن دفن رسول الله صلى الله عليه وآله كان جائرا جاهلا زنديقا لا عالما عادلا ولا صديقا فلا يستلزم ذلك مطلوبهم والشيعة يستدلون بفعلهم الشنيع هذا على عصيانهم بل على عدم إيمانهم واختيارهم الدنيا على الآخرة وذلك لأنهم يذكرون حديثا وهو أن " من صلى على مغفور غفر له ذنوبه " فلو كانوا مصدقين بما جاء به النبي ص لما أعرضوا عن هذه السعادة الكبرى والمغفرة العظمى مع أن المصلحة والمشورة في أمور الدين والدنيا ما تفوت بيوم أو يومين فلو كان لهم إيمان ومروة لصبروا لدفنه والصلاة عليه والتعزية لأهل البيت عليهم السلام وإدخالهم في المشورة إذ كان النزاع معهم والحاصل أنهم إنما اشتغلوا بأمر الخلافة لأنهم اغتنموا الفرصة بغيبة علي عليه السلام وأصحابه واشتغالهم بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله وتدفينه وعلموا أنه لو حضر علي عليه السلام مجلس اشتغالهم بأمر الخلافة لفات الأمر منهم وإلا فلم يكن في تأخير ذلك عن تجهيز النبي مظنة فوته وعدم استدراكه بل لو صبروا واشتغلوا مع علي عليه السلام وسائر بني هاشم بدفن النبي صلى الله عليه وآله ومصابهم به والحزن له والصلاة عليه المرغب فيها لكان أولى لاجتماع الناس حينئذ أكثر مما كان قبل دفنه وليت شعري كيف صار واجبا فوريا؟ مع أنه حين أراد النبي صلى الله عليه وآله أن يكتب في مرض موته كتابا في هذا الباب منع منه عمر وقال: حسبنا كتاب الله كما ذكره