من دم مسلم ثم إن هذه المسائل الاجتهادية التي يحكم فيها هذا الحكم في غاية الدقة والغموض لكثرة شبهها واختلاف قرائن أحوالها وتفاوت دواعيها والاستقصاء في معرفة الخطأ مع كثرة صنوف وجوهه والاطلاع على حقيقة. التأويل وشرائطه في الأماكن ومعرفة الألفاظ المحتملة للتأويل وغير المحتملة يستدعي معرفة طرق أهل اللغة العربية في حقائقها ومجازاتها واستعاراتها ومعرفة دقائق علم التوحيد وغوامضه إلى غير ذلك وهذا متعذر جدا،. على أن ذلك مع انضمام الأغراض واختلاف التعصبات و تفاوت دواعي الخاصة والعامة في الأزمنة المختلفة إلى تلك الفتوى وقال عليه أفضل الصلاة والسلام " أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار فإن المفتي على شفير جهنم " هذا هو التحقيق في هذا المقام لا سيما الفتوى في مثل هذا المقام ولهذا تردد أقوال الأئمة المحققين في ذلك فقال الإمام أبو القاسم الأنصاري والقاضي أبو بكر والاستاد أبو إسحق الأسفرايني " ذكروا أقوالا لأبي الحسن الأشعري في تكفير المتأولين متعارضة فالظاهر أنه قد تردد في ذلك " وروى عبد الجبار البيهقي الخواري عن الإمام أحمد بن الحسين البيهقي عن أبي حارة العبدوي عن الإمام أبي علي زيد بن أحمد السرخسي " أنه سمعه يقول: لما قرب حضور أجل الإمام أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني وقال إشهد على إنني لا اكفر أحدا من أهل القبلة لأنهم يستوون إلى معبود واحد " وقال الإمام أبو الحسن الأشعري أيضا في صدر كتاب المقالات: " اختلف المسلمون في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضا وتبرأ بعضهم من بعض إلا أن الإسلام يشملهم ويعمهم ألا ترى كيف سماهم مسلمين وإن كانوا مختلفين " وقال الإمام الشافعي: " أقبل شهادة من قال بالوعيد والخوارج إلا الخطابية وهم قوم يشهد بعضهم لبعض من غير تفرقة في المذهب " ووافقه الإمام أبو حنيفة في ذلك وحكى القاضي عن أبي حازم عن المزني " أنه
(٢٣٣)