أراد إجماع علماء أهل السنة فهو مصادرة ظاهرة لا تقوم حجة على الخصم الشيعي كما لا يخفى وتفصيل الكلام وتحقيق المرام أنه قد دل العقل والنقل على أنه يجب أن يكون الإمام أكمل وأفضل في جميع أوصاف المحامد كالعلم والزهد والكرم والشجاعة والعفة وغير ذلك من الصفات الحميدة والأخلاق المرضية وبالجملة يجب أن يكون أشرفهم نسبا وأعلاهم قدرا وأكملهم خلقا وخلقا كما وجب ذلك في النبي بالنسبة إلى أمته وهذا الحكم متفق عليه من أكثر العقلاء إلا أن أهل السنة خالفوا في أكثره كالأعلمية والأشجعية والأشرفية لأن أبا بكر لم يكن كذلك مع أن عمر وأبا عبيدة نصباه إماما وكذا عمر لم يكن كذلك وقد نصبه أبو بكر إماما ولم يفطنوا بأن هذا الاختيار السوء قد وقع مواضعة ومخادعة من القوم حرصا على الخلافة وعداوة لإمام الكافة كما يكشف عنه قول طلحة حين كتب أبو بكر وصيته لعمر بالولاية والخلافة بعده حيث قال مخاطبا لعمر " وليته أمس وولاك اليوم " إلى غير ذلك من المكائد والحيل والخدع التي استعملوها في غصب الخلافة عن أهلها وكذلك فريق من المعتزلة منهم عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني قالوا بجواز تقديم المفضول على الفاضل لمصلحة ما وقالوا إن عليا عليه السلام أفضل من أبي بكر لكن جاز تقديم أبي بكر عليه لمصلحة وهذا القول غير مقبول إذ يقبح من اللطيف الخبير أن يقدم المفضول المحتاج إلى التكميل على الفاضل الكامل عقلا ونقلا كما في النبوة و منشأ شبهتهم في هذا التجويز أن النبي صلى الله عليه وآله قدم عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر وكذا قدم أسامة بن زيد عليهما مع أنهما أفضل من كل منهما و الجواب بعد تسليم أفضليتهما والإغماض عن أن هذه الأفضلية إنما توهم لهما بعد
(٤٣)